نُهمل الكثير من الأمراض ولا نقيم لمضاعفاتها اعتبارات كثيرة هذا التجاهل يشكل عامل خطورة إضافي ويمهد لإصابات أخرى. الدكتورة (س ج) الاختصاصية في أمراض وجراحة الأنف والحلق تبين أن اهتمام التونسي بمعالجة هذه الأمراض يبقى محدودا والمشكل أن إهمالها يُعيق مع تقدّم العمر وظيفة الجهاز التنفسي فالزوائد الأنفية مثلا تسبّب عددا من الأعراض كالاحتقان الأنفي طويل الأمد وفقدان حاسة الشمّ وسيلان الأنف والتهابات الجيوب المزمنة والصداع والشخير. القصبات الهوائية تكون بدورها عرضة لتقلبات الجو والملوثات في الهواء وجراثيم في غاية الصغر تخلف التهابات حادة والفيروسات تنتقل بدورها عن طريق السعال أو بالمصافحة باليد وهذه الفيروسات تسبّب تهيّجا وانتفاخا وزيادة البلغم في القصبات والشعيرات الهوائية وهو ما يصعّب عملية التنفس. **اللصّ الصامت من أكثر الأمراض إهمالا هشاشة العظام أي قلّة كثافة العظم أو وزنه وكتلته إلى حد أنّ الاختصاصيين في أمراض المفاصل والعظام ينعتونه ب»اللصّ الصامت» لأنه لا يظهر إلا بعد أن يتمكّن من العظام. وهشاشة العظام عادة تحدث عند السيدات بعد سنّ اليأس وذلك لنقص هرمون الاستروجين كما أن نقص عنصر الكالسيوم يؤثر تأثيرا كبيرا على مدى الإصابة بهشاشة العظام ويظهر خاصة في سنّ انقطاع الطمث لأن المرأة بصفة خاصة تفقد أثناء الحمل والولادة نسبة كبيرة من الكالسيوم. والتونسي لا يهتم بهذه الأمراض إلا بعد أن تتمكن منه ولا يسعى إلى الوقاية منها بتغيير نمط الحياة وممارسة الرياضة وتفادي قلّة الحركة وعدم الإفراط في شرب القهوة والكحوليات. **بقع سوداء بعضنا لا يولي عناية بتنظيف الفم والأسنان وقد تظهر بعض البقع السوداء والترسبات وتسوّس يعرقل الوظيفة الحيوية للأسنان وتزيل بريقها وجمالها. على مستوى الأمراض الجلدية تعتبر إكزيما الأطفال الجلدية من الأمراض المهملة والمشكل أنها تلازم الطفل حتى سنّ معينة ويمكن أن تتواصل معه إلى سن البلوغ وقد تخلف ظهور حكّة شديدة وجفاف واحمرار في الخدين وبقع رطبة حمراء في الوجه ربما تنتشر إلى أجزاء أخرى من الجلد خصوصا فروة الرأس والعنق والجبهة وثنايا الساعدين والساقين. **الأمراض المزمنة أيضا زيادة على إهماله للأمراض العادية فإن التونسي يتغافل عن معالجة أمراض خطيرة مزمنة وفي هذا يقول الدكتور محمد بوشوشة «أمراض القلب والكلى والرئة والسكري والشحم في الدم للأسف من أكثر الأمراض المهملة نظرا لما يستوجبه مصاريف العلاج والكشف والتحليل من تكاليف باهظة» ونظرا لأن نفسية التونسي لا تقبل المرض وهو بالتالي لا يريد التقيّد بالحميات والأدوية والعلاج لأنه يرى أنها تحد من حريته وتلزمه بنمط عيش لا يحبه باختصار رفض الإصابة بمرض مزمن صفة اجتماعية لكن نتيجة هذه اللامبالاة سلبية جدا تؤدي إلى الإصابة بجلطة القلب وجلطة المخ... ومن غيرا لمعقول أن نجد في بلادنا 26 من التونسيين مصابين بأخطر الأمراض وهو ارتفاع ضغط الدم والأسوأ أن 13 فقط من هؤلاء المصابين يتقيّدون بالعلاج ومراقبة ارتفاع الضغط. ومن المضحكات المبكيات أنه في أخطر هذه الأمراض المزمنة وفي مجال تصفية الكلى يوجد في تونس من غاب عن مركز تصفية الدم لمدة 7 سنوات بمعنى أنه لم يقم بعملية التصفية لمدة 7 سنوات فهل لا يستحق هذا الشخص دخول موسوعة «غينيس»؟ يبقى إهمال المرض مرض في حدّ ذاته وصدق من قال يفعل الجاهل بنفسه ما لا يفعله العدو بعدوّه.