بالرغم من انشغال بعض الأحزاب الوطنية المعارضة في هذه الفترة بالمجالس المركزية، فإن ذلك لم يمنع بعض الجامعات بالجهات وخاصة بصفاقس من التفكير من الآن في الانتخابات البلدية التي باتت للمعارضة فيها نسب محترمة تعكس حرص البلاد على تكريس المسار التعددي والديمقراطي. أعلى هذه النسبة المسجلة سنة 2000 كانت ببلدية صفاقس الكبرى إذ تمكنت المعارضة من الحصول على مقاعد، منها للاتحاد الديمقراطي الوحدوي و للوحدة الشعبية وهو ما يعكس أهمية هذين الحزبين في صفاقس التي تتمتع بثقل بارز في تشكيل مرتكزات برامج الأحزاب ومكوناتها واستقرارها. ولئن تحصل «الوحدوي» بصفاقس على نصيب الأسد في انتخابات ماي 2000 داخل مجلس ثاني أكبر بلدية بالبلاد، فإن كل المؤشرات باتت تؤكد أن نفس الحزب لن يتمكن من المحافظة على هذه النسبة بعد سلسلة الاستقالات المسجلة داخله والتي كانت آخرها استقالة المستشار البلدي خليل الرقيق الذي استقر رأيه على الوحدة الشعبية فلم يختلف بذلك عن غيره من كوادر «الوحدوي» الذين خيروا الاستقالة في وقت سابق ونعني بهم النائب سهيل البحري والأستاذ فرحات شعور الذي تم تعيينه مؤخرا سفيرا بدولة مالي وغيرهما كثير.... بقية الأسماء المعروفة بالجهة والتي تتمتع بمقاعد داخل المجلس البلدي الحالي ونعني بهم منجد مزيد الكاتب العام للجامعة الجنوبية وفتحي العصري مقرر الجامعة وحافظ بلغيث، آثروا التريث في انتظار أي جديد يطرأ على وضعية الحزب وربما يكون له الانعكاس على بقائهم من عدمه داخل صفوف «الوحدوي» الذي سجل في السنوات الفارطة استقالة النائب الأسبق عبد الله الشابي. ولئن تتكتم بعض الكوادر الأخرى عن قرارها في البقاء أو الاستقالة ومن ضمنهم الأستاذ زبير الوحيشي الكاتب العام للجامعة الشمالية، فإن بقية الأسماء والتي أصبحت تمثل أقلية ما زالت متمسكة بحزبها بل بدأت تستعد للانتخابات البلدية وهو الموعد الذي سيشكل حسب بعض المراقبين أكبر امتحان ل»الوحدوي» فإما أن يوفق الحزب في هذا الموعد الانتخابي ويتمكن من لمّ الشمل، وإما أن يفشل فيفقد بذلك القلة المتبقية من كوادره بصفاقس وهي الجهة التي فقدت مقاعدها داخل البرلمان بعد ترشيح النائب السابق الطيب الفقي والبشير التومي لكن صناديق الاقتراع لم تسعفهما. ويرى الملاحظون أنه وعلى ضوء الاشعاع الذي باتت تتمتع به الوحدة الشعبية بصفاقس على حساب الأحزاب الوطنية المعارضة الأخرى، من المنتظر أن يتمكن هذا الحزب من بلوغ أعلى نسبة في عدد ممثليه داخل المجلس البلدي بالجهة في دورة ماي 2005 التي تستعد لها بكل جدية كل من حركة التجديد وحركة الديمقراطيين الاشتراكيين على أن مصادرنا تؤكد أنه من المنتظر أن تسجل هذه الانتخابات ترشح قائمة مستقلة يترأسها وجه معروف في الأوساط الجمعياتية.