قبل أن يطلع العالم على مشاهد وصور اعتقال الرئيس العراقي صدام حسين في وسائل الاعلام المرئية والمكتوبة شهد البيت الابيض حالة طوارئ استغرقت حوالي 19 ساعة. وعلى امتداد هذه الساعات التي سبقت اعلان الخبر بالصورة خصوصا، كان مستشارو الرئيس بوش الابن يبحثون في الصور «المثالية» المؤثرة التي يمكن من خلالها كسب مساندة الرأي العام الامريكي والعالمي، ولم تكن العملية سهلة الى درجة تشريك صناع الصورة، والسينما خصوصا، في صياغة المشهد وتصميم الصورة حتى يكون لهما تأثيرا «إيجابيا» لدى المتلقي. ولا يخفى على أحد استشارة السينمائيين في امريكا في مثل هذه الحالات والوضعيات حتى أن افلاما كثيرة، معروفة كتبت وصيغت أحداثها في البيت الابيض... وما أكثر الافلام التي دعمتها الحكومة الامريكية لخدمة مصالحها، وتبرئة ذمتها وخصوصا عند تدخلها العسكري في بعض البلدان ومطاردة زعمائها ورؤسائها لا لشيء سوى لكونهم وقفوا ضد المصالح الامريكية. أسامة فيلم 2004 ومن أحدث الافلام المنتظرة في العام المقبل، والتي تبرر تدخل الولاياتالمتحدة في أفغانستان شريط بعنوان «أسامة»... وهو كما يبدو اختزال لاسم أسامة بن لادن... وتبرير للتدخل الامريكي في أفغانستان، وكانت شخصية بن لادن حتى قبل احداث 11 سبتمبر محور العديد من الافلام الامريكية لعل من أشهرها شريط «هانيبال» للمخرج البريطاني ريدلي سكوت الذي وضع بن لادن ضمن قائمة الارهابيين المطلوبين لدى العدالة الامريكية. وتوظف الحكومة الامريكية غالبا، المخرجين وخصوصا المنتجين في هوليود لخدمة مصالحها وتبرير مواقفها وحروبها وفي هذا الشأن دعم البنتاغون مثلا وبشكل كبير منتج ومخرج شريط «سقوط الصقر الأسود» الذي برر التدخل العسكري الامريكي في الصومال... والمخرج هو ريدلي سكوت، أما المنتج فهو جيري براكهاتمر الذي انتج شريط «بيرل هاربور»... رؤوس مطلوبة وفي أغلب تدخلاتها العسكرية لاسقاط الانظمة واعتقال الرؤساء والزعماء المعارضين لسياسة امريكا تعمد الحكومة الامريكية غالبا في علاقتها بصناع السينما في هوليود الى حثهم على التحضير للعمليات، او تبريرها بعد التنفيذ، ولا ننسى مثلا الأفلام التي انتجت عن بنما، وكولومبيا ونيكاراغوا وفيتنام في السبعينات... والافلام التي انتجت عن ايران بعد الثورة الاسلامية وأشهرها «من أجل ابنتي»... وفي هذه الافلام تكون صور الزعماء والرؤساء دائما حاضرة «كرؤوس مستهدفة» ومطلوبة (WANTED) مثل الخميني وفيدال كاسترو وغيرهما... ورغم ان اعتقال مثل هذه الأسماء لا يتم عادة في الواقع الا ان النية واضحة وهي تحضر الرأي العام الامريكي والعالمي في حالة تحويل السيناريوهات السينمائية الى احداث واقعية... وعموما تبقى السينما في هوليود باستثناء السينما المستقلة، في خدمة السياسة الامريكية تدعمها وتروج لافكارها... وحتما سيكون لهوليود نصيب في اعتقال الرئيس العراقي السابق صدام حسين... وليس غريبا ان يكون «صدام» في قائمة الافلام الامريكية المنتظرة بعد «أسامة».