يخلّف تدريس الطفل بالمنزل لدى البعض من الاولياء توترا نفسيا ويطبع فيهم شعورا بالانقباض يتعمق في حالة عدم القدرة على ايصال المعلومة اليه وقد يتطوّر الامر فيدخل الاب او الام في معركة مع الطفل والنتيجة صراخ وسب وشتم... فهل أن تدريس الابناء اصبح بالفعل مشكلة تلازم الاولياء؟ وما هو رأي اخصائي علم النفس فيها؟ تؤكد بعض دراسات وزارة شؤون المرأة والاسرة والطفولة ان نسبة كبيرة من العائلات في تونس يعهدون الى الام دور تدريس الطفل في البيت لكن ما يحدث ان هذا الدور لا يتم بالشكل المطلوب نتاج شرود ذهن الطفل وعدم قدرته على استيعاب الدرس وتحكي السيدة فطومة تجربة مريرة مع ابنها الوحيد: «إبني الذي يدرس الآن بالسنة الثامنة اساسي وطالما حرصت على تدريسه بمعدّل ساعتين يوميا من الساعة السادسة مساء الى الساعة الثامنة ونتيجة للامبالاته وعدم اقدامه على الدراسة واستيعابه المحدود فإن تعليمه عذّبني كثيرا واثر على أعصابي المشكل ان أباه وبحكم اشتغاله على مدى يوم كامل يتملّص من مسؤوليات كهذه ويحمّلني وحدي مهمّة تدريس الطفل... المشكل ايضا ان برامج التدريس كثيرة المواد». وتوضح السيدة فطومة ان ابنها رغم تجاوزه سن الطفولة لا يزال يشترط تواجدها قربه لاتمام واجباته المدرسية. ويعتبر عامر من جهته «أن الماديات هي المتهم الوحيد في خلق هذا المناخ المتوتر بين الاباء والابناء وفي تغيير العقليات أقول هذا رغم أنني اوكل مهمّة تدريس الاطفال لزوجتي التي تشتغل في قطاع التعليم». توتّر يحرص عادل ايضا على تدريس ابنه الوحيد في البيت، يقول: «تدريس الطفل بالمنزل امر اكثر من ضروري لان ما يتلقاه التلميذ في المدرسة لا يكفي لكن المشكل ان كثرة ساعات العمل لا سيما في بداية الاسبوع تخلق شعورا بالتوتر يزداد بمجرد تدريسه... وهذا لا يعفي الاولياء من ضرورة تخصيص ولو نصف ساعة بالليل لتدريس ابنائهم». الطيب بن سالم وهو اطار بشركة يذهب الى ابعد من ذلك اذ يدعو الى الغاء تعليم الاطفال بالمنزل يقول: «من المفروض ان لا يقدم الاباء على تدريس ابنائهم وليتركوا هذا الامر للمختصين والمعلمين لأنه وبصراحة الام قد لاتحتكم الى الاليات الضرورية لذلك... علينا ان ندرك ايضا ان الطفل مشروع مستقبلي يجب احكام الاستثمار فيه وبالاخص تلقينه بان مسيرته ليست مرتبطة بأمه او بأبيه وانما بكافة المجتمع». ماذا يقول الطب النفسي؟ تدريس الطفل ينقلب اذن الى مشكلة نفسية تستدعي رأي اخصائي علم النفس يقول الدكتور عطيل بنوس «أن تدريس الاباء لابنائهم ينقلب الى مشكل عندما تتراجع نتائج الطفل فتصبح علاقة الاب او الأم بابنائها مرتبطة بالنتجة او الملاحظة التي يتحصل عليها في المدرسة وهذا يضع الولي في مأزق ويصبح متوترا للاعصاب. وقد يزداد هذا التوتر عندما تكون النتائج سلبية لا تتماشى بالمرة مع انتظارات الاولياء فأي اخفاق اذن سيمسّهم في الصميم واي فشل هو فشل لهم عندما تكون ردّة الفعل انهم يحاولون تدريسه بصفة ذاتية وتشريك العواطف هذه لا تجعلهم يتصرّفون كما ينبغي». أضف الى ذلك يضيف الدكتور ان الأب في بعض الحالات يبدأ متقلّب المزاج يغضب لاتفه الاسباب. نصائح ويقدّم الدكتور عطيل بنوس بعض النصائح «فالطفل يجب اعتباره كفرد مستقل لا مجرّد امتداد لصورة الاب او الام، يلزم تقبله كما هو حتى ولو كانت نتائجه ضعيفة لأن لا تصبح علاقته بأمه او بأبيه مرتبطة بالدراسة. يجب على الأم ايضا أن تمتلك بيداغوجية كافية لادخال المعلومة لعقل الطفل فالتدريس ليس عملية سهلة بل يتطلب مجهودا». إن تعليم الاطفال بالمنزل حتى وان بدا مشكلة تؤرق الاباء فإن هؤلاء الاباء مدعوون بدورهم الى التحلي بالصبر، وأن يتعلموا كيف يضحّون بلحظات «سعيدة» في بعض الاحيان من أجل ابنائهم.