النقل شريان الحياة. هكذا قيل وهكذا تواتر وتردد القول ربما من قبل أن يعرف خلق اللّه سفينة سيدنا نوح عليه السلام زمن الطوفان. معنى ذلك لا حركة لحياة بدون نقل. ومع ذلك فإن كل شركات النقل برّا وبحرا وجوّا عندنا يغازلها الشلل. ويخطب ودّها الإفلاس. ويطلب يدها الممدودة بطبعها إليه للعناق الطويل خاصة وأن مراسم الزفاف شبه مكتملة وفرق إحياء العرس قامت بما فيه الكفاية من التمارين على الميدان. وهي ثلاثة أنواع من الفرق وهي فرق الاعتصامات في الطرقات أرضا وجوا وبحرا وفرق الاضرابات وفرق «هات هات» ممّا خلفته فرق النهّابة و«الصبّابة» زمن قانون الغابة أيام «عزوزة هازها واد وتقول العام صابة» و«الكل ينادي» صلّى على النبي يا بابا» صلى اللّه عليه وسلم. وزير النقل السيد سالم الميلادي يقول ل«الشروق» شركات النقل الجهوية في عجز ب500 مليار وشركة القطارات تخسر 150 مليونا يوميا. ولم يدل بأي رقم لخسائر الخطوط الجوية التونسية. وقد يكون الرجل معذورا في ذلك ربما لأن تلك الخسائر طائرة في السماء ولا يمكن حصرها ولا ضبط وجهتها. وتحديد وزنها و«رُزنها». مربض الفرس ليس في معرفة الخسائر سيدي في هذه المسألة وإنما بيت القصيد في السؤال. إذا كان النقل من قديم الزمان هو شريان الحياة وحالته على ماهي عليه اليوم تهدّد البلاد بالشلّل فأين تلك الجحافل من الصور المتحركة التي ملأت المنابر والشاشات والجرائد والمجلات و«الفيس بوك» والاذاعات ونصبت نفسها ولية على أمر تونس وشؤونها؟ الجواب بسيط وأبسط من قول التلاميذ صباح الخير سيدتي في المدارس الابتدائية. فتلك الصور المتحركة في هذا الزمن المشلول لا يهمها في النقل شيء تحركت أم لم تتحرك عرباته وشاحناته وقاطراته وسفنه وطائراته فهي لا حاجة لها اطلاقا في كل هذا ولا للركوب على أي منها ما دامت راكبة على الثورة. وهذه عجوز أخرى يجرها وادي وهي تنادي «مازالت البركة في الصور المتحركة».