لا يختلف إثنان حول ما حصل من تجاوزات بعد الثورة خاصة على إثر الاضرابات المتتالية التي شنها الأعوان البلديون في العاصمة أو في عديد الولايات. فقد ضاقت الشوارع والأحياء بالفضلات وتحولت عديد الفضاءات الى مصبات داخل الأحياء والمناطق الصناعية. هذا الواقع رغم تجاوزه فإن آثاره مازالت بادية في عديد الجهات والأحياء حيث مازال عديد السكان يعانون من هذه الفضلات ومن تراكمها. وكانت «الشروق» قد بادرت في هذا الصدد بإجراء تحقيق في منطقة حي الزهور الذي تولت البلدية تحويل منطقة خضراء داخله الى مصب للفضلات كان يتوسط الحي السكني ومنطقة صناعية آهلة بالسكان مما أجبر السكان للتصدي لشاحنات البلدية وجراراتها. وقد تدخلت البلدية والأمن بالجهة مع الوعد بإزالة المصب مباشرة بعد عيد الفطر. هذا التحقيق الذي قامت به «الشروق» كان له صدى كبير في الجهات، حيث على اثر نشره بادر سكان حي سيدي مناع بصفاقس بالاتصال بالجريدة لطرح الاشكال الذي باتوا يعانون منه على إثر تولي بلدية صفاقس تخصيص مصب بالمنطقة كان يتوسط الحي السكني المشار إليه وكذلك منطقة صناعية وأحد أبرز المسالخ الخاصة بالدواجن بصفاقس. ولعلّ الملفت للانتباه الذي يثير الاستغراب لدى سكان حي سيدي سالم بصفاقس هو أن هذا المصب الذي وضعته بلدية صفاقس وما انجر عنه من مخاطر بيئية وصحية للسكان لم يكن مدروسا بالمرّة ولم تطرحه الضرورة، حيث كان بالامكان نقل هذه الفضلات مباشرة الى المصب الرئيسي بعقارب بدل تعقيد الأمور بهذا الشكل الذي عمدت إليه البلدية وتعكير صفو حياة سكان حي سيدي سالم. في هذا الصدّد تحدثنا الى بعض سكان هذا الحي حيث جاء ما يلي: السيد اسكندر مقني (مسؤول بمسلخ ذبح الدواجن): رغم الأضرار التي لحقت بالحي المشار إليه فقد أشار هذا المواطن الى أن الظروف التي تمر بها البلدية تغنينا عن لومها في وضع هذا المصب وبالتالي فهو يؤكد على أنه لا يمكن أن تغير البلدية الأمر ببعض السخرية وكأننا نراه يدافع عن البلدية رغم مساهمته في تلوث المحيط من خلال فضلات مسلخ الدواجن الذي يشرف عليه. أما (عبد الفتاح الغربي) فقد قال: إن هذا المصب الجديد لا يبتعد عن البلدية سوى مسافة كلم واحد وقد أصبح مجلبة للذباب والحشرات السامة والتي أتساءل أين البلدية والفريق الصحي التابع لها وأين البيطري المكلف بهذا المسلخ المجاور لهذا المصب، خاصة وأن فضلات المسلخ سريعة التعفن. فكيف الحال أن تجمع الجهة بين مصب ومسلخ للدواجن فتصوروا حال السكان الذين أصبحوا يعانون من هذا الوضع . فأين هي البلدية والمراقبة الصحية وغيرها من السلط لمراقبة هذا المسلخ؟ وقال السيد عمران الشعبوني: هذا المصب الذي تراكمت فيه فواضل المسالخ بات قبلة للقطط السائبة والكلاب وهو خطر يداهم السكان علاوة على الروائح الكريهة التي يمكنها أن تتسبب في أوبئة مثل الكوليرا. فعلى البلدية أن تسارع بغلقه. وفي جانب آخر أشار محمد البهلول أن الصدمة كانت كبيرة للسكان في شهر رمضان خاصة بعد أن تكاثرت الفضلات في المصب والروائح الكريهة وغيرها من المخاطر. ولم تفوت السيدة نجوى العايدي فرصة حضورنا حيث قالت أنه حكم على السكان بغلق الأبواب والنوافذ رغم حرارة الطقس وذلك لتفادي تسرب الروائح الكريهة الى داخل المنازل، الى جانب دخول الحشرات والذباب على وجه الخصوص رغم المداواة اليومية بالمبيدات ونحن مجبرون كسكان حي وكذلك الادارات الموجودة بالجهة الى شن اعتصام مع قطع الطريق المؤدي الى صفاقس ما لم تستجب البلدية الى رفع هذه المظلمة. وتقول ناجية ساسي نحن حرمنا من إعداد المؤونة في الصيف ونشرها على السطوح مخافة مما يصاحب الأمطار المنتظرة من تلوث يمكنه أن يطال المؤونة. أما فاطمة لسود، قد أشارت الى أن شكوكها تتزايد يوما بعد آخر من القرارات البلدية العشوائية التي لا تخضع لأي دراسة فأين هم مهندسوها وخبراؤها الصحيين وغيرهم ممن هم مسؤولين عن الوضع الصحي للسكان. هذا وكان لتحقيق «الشروق» بخصوص حي الزهور بتونس الوقع الطيب في قلوب المواطنين ممّا دعاهم الى الاسراع بإبلاغنا أصواتهم والاهتمام بالأوضاع التي يعانون منها. فهل تسارع بلدية صفاقس بمراجعة قراراتها بشأن هذا المصب وغلقه نهائيا قبل أن يكون سببا في أمراض خطيرة لسكان حي سيدي سالم.