أكّد الاستاذ جمعة القماطي، منسّق المجلس الوطني الانتقالي الليبي ببريطانيا في حديث ل «الشروق» عبر الهاتف أن نهاية حقبة القذافي دشنت مرحلة من الحرية والعزّة والكرامة التي سطّرها الشعب الليبي بالدم من أجل ميلاد جديد لليبيا... قال الأستاذ جمعة القماطي إن المجلس الانتقالي لديه تصوّرا كاملا لمرحلة ما بعد القذافي مؤكّدا أن هذه المرحلة سيكون شعارها الاساسي المصالحة الوطنية والأمان والسلام وفي ما يلي هذا الحوار: بداية، ما الذي تعنيه لكم نهاية القذافي... وكيف تنظرون الى هذا الحدث من حيث أبعاده ورمزيته ومدلولاته؟ لا شكّ أن نهاية حكم القذافي هي حلم راود جميع الليبيين خاصة على مدى الاشهر الستة الماضية بعد أن دخل القذافي وأبناؤه في حرب شاملة وحرص على ترويع الشعب الليبي وعلى تدمير وحرق ليبيا واستخدام كل الوسائل البشعة لتركيع الشعب الليبي بما في ذلك الاغتصاب كسياسة رسمية لترويع وقهر الليبيين... وهذا الحلم لم يكن لدى الشعب الليبي اي شك في أن يتحقق لأن إرادة الشعوب لا يمكن أن تقهر وتهزم ولكن الشعب الليبي أظهر أنه أهل لهذه التضحيات من أجل جائزة كبيرة هي الحريّة... وبالتالي فإن سقوط القذافي عندما يكتمل ويتم القضاء نهائيا على باقي جيوبه سيكون بمثابة ميلاد جديد لليبيا وشروق يوم جديد... يوم الحريّة والعزّة والكرامة. بعد انتهاء حقبة القذافي ما هو تصوّركم للمرحلة القادمة... وهل لديكم استراتيجية جاهزة في هذا الخصوص؟ هناك تصوّر واضح لمرحلة ليبيا ما بعد القذافي نقسّمها الى مرحلتين: 1) المرحلة الانتقالية 2) المرحلة الدائمة... المرحلة الانتقالية لها أولويات وعلى رأسها تثبيت الاوضاع في طرابلس وبقية المناطق وحفظ الأمن والامان وارجاع كافة الخدمات الاساسية للمواطن وتفادي الدخول في حالة الفوضى والانتقام وضرورة ألا يأخذ المواطنون القانون والحقوق بأيديهم وانما يترك الامر للعدالة تأخذ مجراها دون التفريط في حقوق الليبيين ثم بعد ذلك تأتي أولوية تسيير المرحلة الانتقالية سياسيا وإداريا... والمجلس الانتقالي تعهد في اعلان وثيقة دستور مؤقتة انه سيسلم السلطة الى مجلس وطني منتخب خلال فترة أقصاها 8 أشهر ثم بعد ذلك يتولى المجلس الوطني المنتخب من حوالي 200 عضو تسيير الامور في ليبيا لفترة لا تتجاوز السنة يتم خلالها وضع دستور جديد ودائم لليبيا ويضع شكل النظام السياسي الجديد للدولة... وهذا الدستور سيتم الاقتراع عليه من قبل الشعب الليبي في اقتراع عام.. ثم بعد ذلك يقود الدستور الى انتخابات برلمانية وأساسية بحيث ينتخب الشعب الليبي من يريد ان يسير الامور في ورئاسية.. وهذا الدستور نأمل ان يكون دستورا وطنيا يحقق ويجسد كل ما افتقده الشعب الليبي طيلة ال42 سنة الماضية. هناك مخاوف من امكانية حدوث حالة فوضى وعدم استقرار في مرحلة ما بعد القذافي... فهل هذه المخاوف بالنسبة اليكم في المجلس الانتقالي، في محلها؟ نعم هناك مخاوف وهي مخاوف في محلها ولكننا اذا نظرنا الى كيف سارت الامور في المناطق التي تحررت مبكرا نجد انه لم تكن هناك فوضى ولم يدخل الليبيون في احتراب. ونأمل اليوم أن تسير الامور في طرابلس على نفس المنوال ولكننا يجب ان ندرك ان المسألة تحتاج الى مصالحة وطنية شاملة وادارة قوية للبلاد وضمان الامان والسلام وكافة الحريات. كيف سيتعاطى المجلس الانتقالي في هذه الحالة مع ملف محاسبة ومحاكمة رموز نظام القذافي؟ هناك رغبة سابقة لدى المجلس الوطني الانتقالي ولدى الشعب الليبي في الدخول في مصالحة وطنية...ومحاسبة فقط الذين تورطوا في إراقة دماء الليبيين وفي انتهاكات حقوق الانسان وفي نهب وسرقة المال العام. أما غير ذلك فسنحتاج الى المصالحة وفتح صفحة جديدة. تلاحم الثورتين والشعبين في تونس وليبيا بدا جليا وقويا في هذه المرحلة على وجه الخصوص... فكيف ترى آفاق العلاقة بين البلدين في المستقبل؟ أولا أود ان أوجه كل الشكر الجزيل للشعب التونسي وللحكومة التونسية على موقفها الرائع والمساند بكل قوة لاخوتهم الليبيين في الاشهر الستة الماضية حيث استضاف الشعب التونسي نحو مليون ليبي... وهذا الموقف لن ينساه الليبيون أبدا وجعل من الشعبين التونسي والليبي شعبا واحدا ونأمل ان يسير البلدان على طريق تدعيم الحريات.. وأرى شراكة كاملة وتعاونا سياسيا وتواصلا اجتماعيا وثقافيا وازالة كل العوائق التي تحول بين تفاعل الشعبين الجارين والشقيقين.