أكد السيد محمد عشاب الرئيس السابق للملعب التونسي في هذا الحوار أن «البقلاوة» لن يستقيم حالها إلا بفضل أبنائها وليس بفعل غربائها كما يضع الاستراتيجية الأنسب التي ستضمن للفريق الاستقرار الإداري على امتداد العقدين القادمين. نال السيد محمد عشاب شرف رئاسة الملعب التونسي خلال ثلاث مناسبات (1987 1990) و(1993 1996) و(2004 2008) وحقّق معه انجازا تاريخيا عندما أحرز النادي على لقب الكأس العربية للأندية الفائزة بالكأس عام 1989 بعد أن أطاح فريق باردو آنذاك بالسوريين والسعوديين والسودانيين والكويتيين.. هذا فضلا عن لقب كأس إفريقية للأندية البطلة الذي ظفر به فريق كرة السلة. وقد حاول عشاب أن يعتمد على فلسفة خاصة أثناء رئاسته للفريق والتي ترتكز على الاعتماد على اللاعبين المتكونين صلب القلعة «الحمراء والخضراء» وهي السياسة نفسها التي تشبث بها فريق «أتلتيك بيلباو» الاسباني لعدة عقود وهو ما جلب له احترام الجماهير الرياضية في هذا البلد، وقد بدأ عشاب بجني ثمار هذه السياسة خلال فترته النيابية الثالثة وتحديدا خلال موسم 2007 2008 حيث ضمّت «البقلاوة» ما لا يقل عن 80٪ من خرّيجي النادي.. وذلك قبل أن يغادر عشاب كرسي رئاسة الفريق لأسباب خارجة عن نطاقه تاركا خلفه مسيرة حافلة بالأحداث والمواقف التي استحق من خلالها أن ينضم الى قائمة الأسماء التي لن تسقط أبدا من ذاكرة أحباء الملعب التونسي على غرار الهادي النيفر (رئيس سابق للفريق) وكذلك عمالقة الكرة التونسية الذين تقمّصوا أزياء فريق باردو مثل ديوة وابراهيم كرّيت ومحيي الدين والمغيربي والجندوبي وليمام (نجيب وجمال) والهرقال والركباوي.. وغيرهم. «الشروق» حاورت السيد محمد عشاب في هذا التوقيت بالذات نظرا للوضعية الصعبة التي يعيش على وقعها الملعب التونسي فكان لنا معه الحوار التالي: في البداية كيف تفسّر التجاوزات الخطيرة التي شهدتها مؤخرا الجلسة العامة للملعب التونسي؟ أظن أن ما حدث خلال الجلسة العامة للفريق يعتبر حسب اعتقادي صورة مصغرة لما تشهده بلادنا في الوقت الراهن. بحكم تجربتك الطويلة على رأس الفريق هل من خطة واضحة وعملية لتجاوز هذه الخلافات والنهوض بالنادي؟ أؤكد أن فريق الملعب التونسي يزخر بالاطارات الشابة وإن كانت تفتقد الى الخبرة في ميدان التسيير حاليا إلا أنه لديها من الحزم والتعلق بألوان النادي والقدرة على خدمة مصلحته ما يمكنها من النجاح صلب الفريق كان لا بدّ على مسؤول يعمل في الملعب التونسي أن يحترم صلاحياته وأن يدرك حجمه الحقيقي أما من الناحية العملية فإنني أقترح إلحاق خمسة أو سبعة أيضا شبان بالهيئة الجديدة للملعب وهذا الأمر يسمح به القانون الأساسي للفريق وذلك شرط أن تتوفر فيهم بعض المواصفات مثل النزاهة والثقافة وقدر عال من الأخلاق على أن يتمّ تداول منصب رئاسة الفريق في ما بينهم دون أن يغادر النادي أي عضو منهم وأظن أننا بهذه الطريقة سنضمن استقرارا إداريا للفريق على امتداد 15 أو 20 عاما لكن لا بدّ من المسارعة باتخاذ هذه الخطوة منذ هذه اللحظة أما بخصوص التجاوزات فأعتقد أنها أصبحت أمرا مرفوضا بعد ثورة 14 جانفي مع العلم أن هذه العملية ستؤمن التداول على كرسي الرئاسة في إطار جمعياتي وعائلي وهو ما سيجنبنا التناحر على المناصب. ألا تعتقد أن واجبك يحتّم عليك مساعدة فريقك في هذا الظرف بالذات في ظل هذه الوضعية الحرجة التي يعيش على وقعها؟ أظنّ أنني لم أبخل في يوم من الأيام بالنصيحة لكل من يطلبها مني ولكنني في المقابل أحترم المسؤولين الموجودين صلب الفريق حتى وإن كان أحدهم يتصور أنه بحوزته كفاءة عالية وأتقبل برحابة صدر كل الأوصاف التي يطلقها على نفسه لكن أؤكد كذلك أن المسؤول مطالب بأن لا يترك الفريق إلا وقد ساهم في الارتقاء به وتدعيمه بصفة مستمرة أي أن لا يغادره إلا بعد أن يصبح النادي في وضع أفضل مما كان عليه عندما تسلّم مقاليد الإشراف عليه. تحدثت عن الاستقرار الاداري لكن ماذا عن الزاد البشري للفريق؟ أظنّ أن الاستقرار على مستوى الزاد البشري المتوفر بحوزة النادي يعتبر أيضا من العوامل الضرورية لتحقيق النجاح، هذا فضلا عن اتباع سياسة الاعتماد على أبناء الفريق وهو ما حاولت أن أحققه صلب الملعب عندما كنت رئيسا له حيث بلغت نسبة اللاعبين الموجودين على ذمة الفريق الأول من الذين تكونوا منذ الأصناف الشابة بالنادي حوالي 85٪ خلال موسم 2007 2008 وبهذه الطريقة لم يعد الفريق في حاجة سوى الى انتدابات محدودة جدا في صورة استحال إيجاد لاعب بمواصفات خاصة في مركز معين مع العلم أن ثلة من وكلاء اللاعبين قاموا خلال موسم 2007 2008 بتحديد القيمة المالية التقريبية لفريقنا فلاحظوا أنها تقدر بحوالي 6 أو 10 مليارات ولا ننسى أننا تركنا الفريق مترشحا لكأس «الكاف» خلال الموسم نفسه لكن سرعان ما تمّ التخلي في المرحلة التي تلت رئاستنا للنادي عن اللاعبين الذين يشكّلون العمود الفقري للفريق وهو ما يعني الافتقاد الى الحنكة والنظرة الاستشرافية بحكم أن تلك المرحلة كانت تتطلب ضرورة المحافظة على كل اللاعبين. تؤكد بعض الأطراف أن النجاح الرياضي النسبي الذي حققه الملعب التونسي خلال الأشهر الماضية ساهم فيه الفني الفرنسي باتريك لويغ بنصيب الأسد فم تعليقك على ذلك؟ شخصيا لم أفوّت فرصة واحدة تتاح لي عبر وسائل الاعلام إلا وأشدت بالعمل الذي قام به هذا المدرب بالرغم من أنني لا أعرفه بل وأؤكد أن ما فعله «لويغ» مع الملعب التونسي قد لا يمكن لأي فني آخر أن ينجزه. ماذا تعرف عن السيد كمال السنوسي رئيس القائمة القانونية الوحيدة المترشحة لرئاسة فريقكم؟ أذكر أنه بدأ عمله صلب الملعب التونسي خلال فترة رئاستنا للنادي وتحديدا خلال موسم 2006 2007 وهو لاعب كرة يد سابق بالفريق وتولى رئاسة لجنة هذه الرياضة صلب النادي وقد أظهر تعلقا كبيرا بالملعب التونسي وقدم تضحيات مالية محترمة وقد واصل البرنامج الذي سطّرته إدارة الفريق آنذاك وقام بتدعيمه والمهم الآن مثلما أشرت في بداية حديثي أن يتمّ توسيع الرقعة البشرية للهيئة القادمة للفريق. لاحظت أن شقا كبيرا من جمهور الملعب التونسي طالب بعودتك مجددا لرئاسة النادي، فلماذا رفضت نداء الجمهور؟! لقد قطعت على نفسي عهدا خلال الجلسة العامة للفريق عام 2008 أن لا أعود ثانية الى هذا المنصب وتحديدا يوم 19 سبتمبر باعتبار أنني خلال هذا اليوم تعرّضت الى مؤامرة قام بها التجمّع المركزي والجهوي قصد إزاحتي من منصبي وقد سجل الشخصان المتآمران عليّ حضورهما في تلك الجلسة وأطلب من اللّه عزّ وجلّ أن يسامحهما على ما اقترفاه في حقّي وقد طلب مني الأحباء الترشح آنذاك وكان باستطاعتي أن أتحدى الجميع لأنني أستند الى القاعدة الشعبية ولكنني فكرت في مصلحة الملعب التونسي الذي كان سيدفع الثمن لو أنني قمت بتلك الخطوة مع العلم أنني تركت في خزينة الفريق 524 مليونا ولم أحصل الى حدّ هذه اللحظة سوى على 17 ألف دينار وقد وصلني هذا المبلغ الى مكتبي بعد أن قاموا بالتفريط في عدد كبير جدا من اللاعبين وأؤكد في هذا الاطار أن بعض الأطراف كانت تتوجه نحوي باللوم بحكم أني كنت متشبثا بعدم التفريط في خدمات أي لاعب وأذكر كذلك أنني خلال فترة رئاستي في المرة الثانية للفريق (1993 1996) دفعت أيضا مبلغا يقدر ب386 مليونا وقد ارتأيت آنذاك أن أذكر كل الأموال التي تقدمت بها مختلف الأطراف لفائدة الملعب التونسي باستثناء الأموال التي قدمتها أنا، إذ أنني أعتقد أن أي مسؤول يعمل صلب «البقلاوة»ينبغي عليه أن يعتبر الفريق كعضو من أعضاء جسمه أي أن يعمل على إعلاء رايته دون الانسياق وراء الحسابات الضيقة. عرف الملعب التونسي عبر تاريخه الطويل عدة شخصيات رياضية مرموقة تداولت على منصب رئاسته، فأين تضع نفسك بينها؟ بكل تأكيد أنا أحتل المرتبة الأخيرة لأنني «خادم» للملعب التونسي وأظن أن التاريخ وحده سيحدّد الترتيب الأنسب. مازال الحديث مستمرا عن ضرورة تطبيق الشرعية صلب جميع الهياكل الرياضية، فهل من موقف خاص إزاء هذه المسألة؟ طبعا أنا مع الشرعية وكذلك ضرورة مراعاة المصلحة العليا للكرة التونسية وأرفض «البوتش» الرياضي. تحاول بعض الأطراف أن تقنعك بضرورة الترشح لمنصب رئاسة جامعة كرة القدم، فهل أنك ستقدم على هذه الخطوة خاصة وأنك تتمتع بتجربة ثرية جدا في ميدان التسيير الرياضي؟ الحقيقة أن هذه الطلبات تعود الى عام 1997 وقد صدرت عن عدة أصدقاء أحظى عندهم بالاحترام والتقدير وكل ما يمكنني قوله الآن بشأن هذا الموضوع أنه لكل مقام مقال وأما بخصوص الجامعة الحالية لكرة القدم فإنني لا أستطيع تقييمها إلا إذا كنت رئيسا لفريق ما. نترك لك كلمة الختام.. فماذا تقول؟ أتمنى أن يتم تغليب المصلحة العليا لتونس على حساب المصالح الضيقة التي تشهدها الساحة في الوقت الراهن وأرفض جميع مظاهر الأنانية والإفراط في الذاتية وأعتقد أن التخمة التي تميّزت بها الحياة الحزبية غير منطقية.