أصدرت حركة النهضة خلال هذا الأسبوع بيانا شديد الأهمية خصوصا أنه أتى في ظرف أمني حساس، وظرف سياسي غامض في مآلاته، وحمّال لكل أنواع المفاجآت. ومن أهم ما ورد في البيان المذكور الجملة التي تقول بأن انتخاب مجلس وطني تأسيسي كامل الصلاحيات ينجز مهامه في مدة اقصاها سنة هي أصدق تعبير عن الارادة الشعبية وأفضل حماية للمكاسب، وتأكيد حقيقي للنجاح وتجسيد لسيادة الشعب وارادته الحرة. وما يلاحظ أولا في هذا الباب هو ان النهضة حسمت أمر المدة الزمنية التي يجب أن يضطلع خلالها المجلس المذكور لمهامه فلا تبقى مفتوحة ولا تظل بلا أجل، لأن ذلك يحتوي على مخاطر جمة حسب عدة تقييمات، ولأن المجلس رغم شرعيته الانتخابية فإنه حتى على المستوى النفسي لا يوفر الراحة التي توفرها انتخابات تشريعية ورئاسية بما أنه بدوره يظل في الواقع أو في المخيال العام، مجلسا وقتيا وان كان شرعيا. وما المشاكل الجمة التي تعانيها تونس الآن، هي وقتية كل هياكلها ومؤسساتها، و«الوقت يعني في دلالته الانتظار، والتأجيل والنقص، لذلك هو يشل الحركة، ويمنع الانطلاق ويؤجج القلق، وهو فوق ذلك يجعل من الشرعية مسألة منقوصة في جانب منها بينما المطلوب هو شرعية كاملة لا تشكيك حولها بل ولا جدال أيضا.» يمكن القول بعد بيان حركة النهضة الأخير، أن تطورا كبيرا حصل في موقفها من المجلس التأسيسي وهو وان كان تطورا يحتاج الى ما هو أبعد وأعمق بالنسبة الى عدة أطراف أخرى الا أنه جيد وايجابي. والثابت الآن ان نسق العمل السياسي في تونس كان سيكون أعمق وأسرع لولا أشكال الانفلاتات العديدة التي تشهدها البلاد ولولا هذه المعارك المتواصلة داخل النخبة، وفي بعض الهياكل الهامة كالقضاء والمحاماة التي أثرت في العمق في الاحزاب وفي الحوار الوطني الرصين والهادئ المنشود، الذي ظل غاية لا تدرك، وأمنية بعيدة المنال وهو ما سوف تتضح تداعياته السلبية وربما الخطيرة بعد 23 أكتوبر.