تحذيرات من المال السياسي وتغوّل الأحزاب وتهديدات بالانسحاب من المسار الانتخابي، وتساؤلات عن ضمانات مراقبة تمويل الحملة الانتخابية وعن تأخر صرف المنح قبل 24 ساعة من بدء الحملة... تلك هي أبرز محاور لقاء هيئة الانتخابات بممثلي القائمات المترشحة. وعقدت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أمس لقاء مع ممثلي الأحزاب والقائمات المستقلة والائتلافية حول تمويل الحملة الانتخابية والرقابة عليها. وقال ممثل التحالف الوطني للسلم والنماء محمد الحبيب الشيخ ل«الشروق» إنه ليست هناك أية ضمانات للتأكد من المساواة بين مختلف المترشحين في الحملة الانتخابية وإنه ليس هناك تنسيق مع وزارة المالية ولا مع البنك المركزي لتجاوز الاشكالات التقنية التي ترافق صرف منحة المساعدة على تمويل الحملة الانتخابية. تساؤلات واعتبر الشيخ أن هذا الاجتماع مع الهيئة جاء متأخرا، فبعض الأحزاب بدأت حملتها الانتخابية منذ أكثر من شهر ولم نر من الهيئة فاعلية في الزجر. فكيف ستقوم بمراقبة تمويل الحملة الانتخابية خارج حسابات الحملة؟ وكيف سيتم اجبار الأحزاب أو القائمات الائتلافية أو المستقلة على تقديم بيانات حقيقية عن مصاريفها؟ وتساءل كمال النصراوي (رئيس قائمة «الأمل والوفاء» عن دائرة تونس2 وهي قائمة مستقلة) عن كيفية مراقبة حيادية الادارة ووسائل الاعلام ودور العبادة خلال الحملة الانتخابية. وقال النصراوي إنّ هناك عدم توازن في ضبط حجم التمويل العمومي حسب الدوائر معتبرا أنه من غير المنطقي أن تنال قائمة حوالي 5 آلاف دينار في دائرة يتجاوز عدد الناخبين فيها 200 ألف وتنال قائمة أخرى نحو 7 آلاف دينار في دائرة تضم أقل من 200 ألف ناخب. وقدم فاخر السماوي (حزب آفاق تونس) عدّة تساؤلات عن المصاعب التقنية التي ترافق شرط فتح حساب بنكي وحيد وعن الغموض بخصوص كيفية تمويل القائمات بالخارج. معتبرا أن الاجتماع جاء متأخرا لتوضيح هذه النقاط والحال أن موعد الحملة الانتخابية صار يُحسب بالساعات وليس لأيام وهو ما عبّر عنه أيضا جلال البدوي (ممثل حزب الاصلاح والتنمية). وتساءل مراد بن فطيمة ممثل قائمة «التشغيل والتنمية» (مستقلة) عن كيفية مراقبة الأحزاب التي تتلاعب بالأرقام وعن أبواب صرف هذه الأموال قائلا «إنه بإمكان بعض الأحزاب أن تنفق مئات الملايين على حملاتها لكنها لاتصرّح إلاّ ب8 ملايين نالتها من الدعم العمومي فكيف يمكن التصدي لذلك؟ إجراءات الرقابة وقد قدم عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المكلف بالشؤون الادارية والمالية عمر التونكتي مداخلة عن الرقابة على تمويل الحملة الانتخابية مؤكدا أن القانون الانتخابي أسند مهمة الرقابة الى عدّة أطراف هي وزارة المالية والهيئة العليا المستقلة للانتخابات والمحكمة الادارية والمحاكم العدلية ودائرة المحاسبات. فبالنسبة الى وزارة المالية تمارس الرقابة على تمويل الحملة الانتخابية من خلال رقابتها المجراة بمناسبة صرف القسط الثاني من الحملة، ويتولى هذه المهمة أمناء المال الجهويون المختصون. أما رقابة هيئة الانتخابات فتتمثل في احتمال إلغاء نتائج الفائزين إذا تبين لها قيامهم بمخالفة الأحكام القانونية المتعلقة بتمويل الحملة الانتخابية. وتُجري المحكمة الادارية رقابة غير مباشرة على تمويل الحملة الانتخابية من خلال البت في الطعون الواردة عليها بشأن قرارات هيئة الانتخابات المتعلقة بالنتائج الأولية للانتخابات. وخول الفصل 77 من المرسوم الانتخابي للمحاكم العدلية إجراء رقابة غير مباشرة على تمويل الحملة الانتخابية من خلال زجر الأعمال التي تتمثل في تلقي المترشحين إعانات مادية بصفة مباشرة أو غير مباشرة من جهة أجنبية. ونصّ هذا الفصل على معاقبة المعني بالأمر بالسجن مدة عام وخطية مالية بقيمة 2000 دينار فضلا عن الفقدان الآلي، في حال صدور الحكم بالادانة، لصفة المترشح أو المنتخب بعد الاعلان عن النتائج. من جانبها تمارس دائرة المحاسبات رقابة لاحقة على تمويل الحملة الانتخابية انطلاقا من الحساب البنكي الوحيد المفتوح لهذا الغرض من قبل كل حزب سياسي أو قائمة مترشحين أو قائمات ائتلافية. وقال الشاذلي الصرارفي، ممثل دائرة المحاسبات في هذا السياق، ان دائرة المحاسبات تقوم بدور الحكم وإن رقابتها لاحقة ولا تتم أثناء الحملة. وأضاف الصرارفي انه حتى تكون هذه الرقابة جدية فإن دائرة المحاسبات مؤهلة لتسليط عقوبات تتراوح قيمتها بين 500 دينار و2500 دينار في صورة تعطيل العمل الرقابي لفائدة حزب معيّن على حساب أحزاب أخرى. وأشار الصرارفي الى أن هيئة الانتخابات، وحسب حجم الطعون والاحترازات، قد تجد نفسها مضطرّة للاستعانة بهيئات رقابية أخرى مثل دائرة المحاسبات حيث تمّ تشكيل لجنة مختلطة لتنسيق العمل الرقابي. وأكد رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات كمال الجندوبي أن المسار الانتخابي دخل مرحلته الأخيرة، مشيرا الى أهمية تمويل الحياة السياسية خاصة في فترات الانتخابات، وخصوصا الانتخابات ذات الطابع المصيري، كما هو الحال لتونس. واعتبر الجندوبي ان الاهم هو إرساء سلوك جديد في التعامل مع المال العمومي وتوظيفه في السياسة وفق سلوكيات وأخلاقيات معيّنة.