غدا تبيض وجوه بعض الصحفيين وتسود وجوه أخرى... بدأ الامتحان ولم يبق غير الاعلان عن النتائج...«اسمي مكتوب؟؟» سيتساءل الكثيرون من الصحفيين على طريقة عادل إمام إن كانت أسماؤهم مذكورة في القائمة السوداء. «هاكم اقرؤوا صحيفتي» هذا ما سيردده الناجون من تلك القائمة في ما يتمنى الآخرون لو لم يخوضوا في الصحافة أصلا ولكن هل لا بد من هذا الشر الذي يشق الصحفيين ويشرذمهم ويبعث العداوة والبغضاء بينهم؟ لا نشك لحظة في وجود صحفيين سيئين ومسيئين لمهنتهم وزملائهم وأنفسهم بتلك القفاف التي حملوها وتلك البنادير التي نقروا عليها بل حتى بتلك الطبول التي أصموا بها الآذان. لم تغب عنا كثرة تزلفهم و«تلحسهم» وطوافهم بين هذه الوليمة وتلك ووقوفهم عند هذا الباب وذاك، لكن هل الحل في القصاص منهم وتشويه صورهم والتنكيل بهم؟ لاحظت أن الكثيرين من «الشرفاء» أو المحسوبين على الشرف المهني متحمسون لهذا النوع من المحاسبة وهو ما أعارضه لسببين اثنين : فالبعض من «المورطين» انساقوا نحو الإساءة بسبب ضعفهم أو جبنهم أو تردي ظروفهم المالية وليس من العدالة أن نحاسب المخطئ دون محاسبة من دفعه إلى الخطإ. كما إن التشهير ببعض المخطئين قد يلحق الأذى بأسرته فيصبح هذا الابن مثلا منعوتا بكونه ابن الصحفي فلان الوارد اسمه في القائمة السوداء وبهذا نزر الوازرة وزر الأخرى. فما الحل إذن لتحقيق العدالة؟ يبدو من وجهة نظري أن الحل موجود وهو لا يتطلب غير إتاحة الفرصة لمن أساء في العهد السابق لإعلان توبته وهذه التوبة لا تعني الاعتذار العلني الذي يشهر به بل تمكينه من فرصة الانسحاب في صمت من المشهد الاعلامي مقابل عدم التشهير به في القائمة السوداء. أما إذا ركب على الثورة كالكثير من الراكبين وجعل من نفسه بطلا وشريفا «وصحفيا هماما» وهو الفاقد لذلك كله فمن الواجب التشهير به وبالمؤسسة الاعلامية التي تجيز إساءاته السابقة وتجازيه عليها بالترقية على حساب من هو أجدر منه كفاءة وشرفا. لا شك في أن جميعنا خطاؤون وعلى استعدادفطري للخطإ إلا من رحم ربك ووجد ضميرا يقضا في الوقت المناسب، ولكن خير الخطائين التوابون، فهل يجد الصحفيون المسيئون الشجاعة الكافية (ولو للمرة الأولىفي حياتهم) لإعلان توبتهم في صمت أم يتواصل تزلفهم وضحكهم على من يضحكون عليهم منذ أمد بعيد؟