يتواصل بنسق حثيث وضع اللمسات الأخيرة لمستلزمات العملية الانتخابية، ومع اقتراب موعد الثالث والعشرين من أكتوبر يمكن الجزم بأن العمليات اللوجيستية قد شارفت على نهايتها وأنه بات بالإمكان التطلع الى انجاز انتخابات تتوفر على المواصفات الدولية للانتخابات الديمقراطية والنزيهة والشفافة. هذا المعطى الإيجابي والذي يشي بحجم الجهود الجبّارة التي بذلتها الهيئة العليا للانتخابات والسلط المعنية من أمن وجيش وطني، كل في مجال عمله وتخصصه، يضع الكرة الآن في ملعب الأحزاب والقائمات المستقلة المترشحة.. هذه الأطراف مدعوة وهي تعقد اجتماعاتها، وهي تنزل للقاء المواطنين في الساحات والأسواق وحتى في بيوتهم بالحرص على احترام القانون واحترام قواعد اللعبة واحترام القائمات والأطراف المنافسة... ذلك أن التنافس بين هؤلاء هو في النهاية تنافس على التكليف وليس على التشريف.. هو تنافس على خدمة البلاد والعباد وليس على الكراسي. وبهذه العقلية، ووفق هذا المنظور فإن تونس تحتاج الطاقات والأفكار والرؤى الخلاقة لكل أبنائها.. سواء ترشحوا صلب أحزاب وحركات سياسية او ترشحوا صلب قائمات مستقلة... وحتى تسهم الأحزاب وكل القائمات المترشحة في انجاح هذا الموعد الذي تضربه البلاد مع التاريخ، فإن عليها أن تتحمل مسؤولياتها كاملة في الانضباط لمتطلبات القانون وضوابط اللعبة الديمقراطية... وهذه وتلك تفرض عليها في المقابل السعي الى تهيئة المزاج الشعبي لقواعدها وللقاعدة الشعبية التي تخاطبها للقبول بحكم صندوق الاقتراع والانصياع للإرادة الشعبية التي سيعبّر عنها الناخبون من خلال التصويت للأجدر وللأقدر على خدمة تونس وشعبها. ولعل الأيام المتبقية في عمر الحملة الانتخابية وهي قليلة، تكون كافية لهؤلاء للانتباه الى هذه الناحية.. فلكي تنجح أية عملية انتخابية وتفضي الى انجاز تحوّل ديمقراطي يستجيب لطموحات الشعب، فإنه يصبح لزاما توفر عقلية تقبل بقانون اللعبة.. وتنضبط لنتائج الصندوق وتعي جيدا أن منطق الربح والخسارة يجب ان ينتفي حين يتعلق الأمر بإنجاح تجربة في حجم التجربة التونسية. وهي بكل المعاني والمقاييس تجربة يتطلع اليها كل العالم.. لأنه بنجاحها ستكون المثل والقدوة والدليل المرشد لكل هذا الحراك الذي تشهده منطقتنا العربية.. ومناطق أخرى في العالم.