لم نكن ندري كم كان يساوي العربي الى أن أتانا اليقين يوم الثلاثاء الماضي. سرجان إسرائيلي يُبدل بألف فلسطيني. وليس هذا فقط فالألف الفلسطينيون لا يعرف العالم عنهم شيئا.. هم ألف فلسطيني وكفى.. لا أسماء، ولا وجوه ولا هويات، وفي المقابل يعرف العالم كل شيء عن السرجان قيلات شاليط: طفولته، دراسته، هوايته، جنسيته المزدوجة، نبرات صوته، أكلاته المفضلة.. بل ويعرف حتى أفراد عائلته التي تملأ صورهم صفحات الجرائد والمجلات العالمية. أما صور شاليط نفسه فحدّث عن البحر ولا حرج إنها تتصدّر واجهات البنايات الرسمية في فرنسا وتزيّن أعمدة بلدية باريس الشامخة: حرية مساواة أخوّة و... شاليط. إسرائيلي واحد ضد ألف فسطيني! والأغرب ما في الأمر هو أن الإخوان في «حماس» يصرّون على إقناعنا بأن هذه المقايضة نجاح وانتصار. هو صحيح انتصار لكن لمن؟ هل يقرأ إخواننا الحماسيون صحف الغرب ويشاهدون تلفزاته؟ بل وهل يظنون أن نتنياهو وعصابته أغبياء الى حدّ قبول هذه المقايضة دون أن تكون لهم أهداف أخطر وأخبث. ولا يجب على أحدنا أن يكون نابغة حتى يفهم أن من أهداف نتنياهو أو أهمها هو نسف التقارب الفلسطيني وتعميق الهوة بين الضفة والقطاع وإحراج أبو مازن وضرب شعبيته التي سطع نجمها في سماء جمعية الأممالمتحدة. إسرائيلي واحد ضد ألف فلسطيني! عندما كنا صغارا كنا نلتذّ الى سماع بطولات أجدادنا بتلك الجملة السحرية التي تقلب كل موازين القوى. كان معلّمونا يقولونها فنتّقد حماسا: «رجل كألف.. وألف كأفّ!». لكن يبدو أننا لم نعدل أوتارنا ولم نع بعد أن الحرب الجديدة إنما هي حرب إعلام أولا. آه كم تمنّيت لو نازلت عزّة بسباس منافستها الاسرائيلية وهزمتها عوض أن نقاطعها وينتهي الخبر.