الشروق تتوغل في أعماق حاسي الفريد: فقر وأمراض وبطالة... عطش وظلام.. والانتخابات آخر الاهتمامات تشهد ولاية القصرين هذه الأيام تجاذبات سياسية كبيرة وكبيرة جدا حيث تسعى الأحزاب وبأية وسيلة استقطاب الأصوات ولو في أعماق المناطق الريفية التي تشهد أوضاعا اجتماعية مزرية. القصرين حاسي الفريد (الشروق )- محمد صلاح حقي «الشروق» وفي إطار متابعتها للحملة الانتخابية بالجهة توغلت في ريف معتمدية حاسي الفريد وبالتحديد في قريتي المزيرعة وخنقة الجازية حيث وجدنا عديد الأحزاب والقائمات تروج لبرامجها لا لكون هذه المناطق ستكون الفيصل في الانتخابات وإنما استغلالا لفقر سكانها المدقع ولجهلهم بالواقع السياسي. فالناس هناك معزولون نظرا لعدم وجود طرقات جيدة خاصة في فصل الشتاء وليس لهم من مورد رزق سوى قلع الحلفاء مقابل 100 مليم للكيلوغرام الواحد ..والناس هناك مازالوا يسكنون أكواخ الطوب وجلهم يعانون أمراضا مزمنة ولا أحد من النظام السابق حرك ساكنا. الماء والصحة والتعليم ...والمعتمد !! الكل في منطقة المزيرعة يؤكد أن الحزب الذي سيصوتون إليه هو القادر على حل مشاكلهم مثل إيجاد الكهرباء والماء الصالح للشراب وللري فحوالي 20 فلاحا في المنطقة يعانون من انقطاع الماء منذ 20 يوما نتيجة قطع الكهرباء على البئر العميقة الوحيدة التي كانت تزودهم بمصدر الحياة .أما معتمد حاسي الفريد الجديد الذي أتت به رياح الثورة فقد رفض لقاءهم وكلف مجموعة من زبانيته للاعتداء على من تخول له نفسه الإصرار على مقابلته على حد تعبير السيد عبد الكريم عيادي . فالمعتمد لم يعد موظفا لدى التجمع بل هو في خدمة الشعب والبيروقراطية أصبحت مرفوضة والوزير أصبح مكتبه مفتوحا للجميع فما بالك بمعتمد وفق ما ذكره لنا أبناء الجهة. السيد الأزهر بالرحال لم يخف امتعاضه من مشكلة غياب المعلمين المتكرر والذين لا يدرسون سوى يومين فقط من الأسبوع فأين الضمير المهني وأين الرقابة الإدارية على هذا الإطار التربوي وأين المدير وما فائدة وجوده على رأس هذه المدرسة ؟ التلميذ عدنان حمدي الذي كان مطلعا نوعا ما عن برنامج الأحزاب لاحظ أن جميع البرامج مجرد وعود لا غير ولاحظ أن تلامذة منطقته – فج الحديد – في حاجة إلى نقل مدرسي قار يجنبهم عناء التعب مضيفا أنه كان من أصحاب المعدلات العالية ( 17 من 20 ) ولكنه لما تحول للدراسة في حاسي الفريد بالتعليم الإعدادي والثانوي تدنى معدله ليصل إلى 8 من 20 وذلك نتيجة بعد المسافة وانعدام النقل المدرسي . فبالنسبة له الحزب الجيد هومن يوفر له مدرسة إعدادية في منطقته أو نقلا مدرسيا قارا. اما الشاب حسين الخضراوي (طالب) فلاحظ أن المنطقة تفتقر لكل شيء و أن المطلوب من الأحزاب هو التنمية العادلة والقضاء على الفوارق لا بين الجهات فقط بل أيضا بين المناطق داخل الجهة الواحدة وهذا لن يتحقق إلا بإصلاح القضاء وتحقيق العدالة. وضع لا يُصدق غادرنا منطقة المزيرعة وقصدنا منطقة أخرى على الحدود مع ولاية سيدي بوزيد إنها خنقة الجازية من نفس المعتمدية التي قيل عنها أنها قهرت الاستعمار الفرنسي ولكنها بقيت هي الأخرى مقهورة فوجدنا وضعا مزريا لا يصدق جعلنا ننسى ما شاهدناه من فقر في منطقة المزيرعة .. منازل مبنية بالطوب ذات بيت واحد تسكن فيها أسر تتكون الواحدة من 5 أفراد على الأقل و اغلب سكان المنطقة مرضى، أطفال حفاة ورجال عاطلون عن العمل ونساء عليهن علامات الفقر والنقمة على المخلوع ونظامه والعبارة لسيدة تحدثنا إليها وسألناها ماذا تعرف عن الواقع السياسي فأجابت «بماذا جئتم إلينا» ..عرفنا أن هناك أحزابا وزعت الأموال والمأكولات وتثبتنا من ذلك لما سألناهم، بادرتنا هذا السيدة وأمسكت بيدنا لتدخلنا إلى بيتها المطلي بالطوب حيث يرقد والدها مريضا لا يقوى على الحراك متسائلة هل ستحل لنا الأحزاب مشاكلنا؟ وأجابت بنفسها لقد كان المرشد الاجتماعي في عهد الطاغية يأتي ويصور معاناتنا ولكن لا حل يقدمه لنا سوى الكلام وهم يخشون أن تتكرر المسألة مع الواقع السياسي الجديد، وتجاذبتنا الأيدي الكل يريد اطلاعنا على وضعيته. الطبيب ساعة في الأسبوع !! عند حديثنا إليهم جلب انتباهنا مستوصف مغلق الأبواب فسألناهم عن السر فأجابوا أن الطبيب يأتي ساعة في الأسبوع ومن داهمه المرض فعليه كراء سيارة لنقله إلى المستشفى الجهوي بالقصرين الذي يبعد عن منطقتهم قرابة 70 كم أو أن مصيره الموت ، سألناهم عن انتظاراتهم من الأحزاب ومن سينتخبون يوم 23 أكتوبر فأجابوا لا نعرف الأحزاب ولكن نريد حزبا صادقا يحل مشاكل البطالة والفقر بمنطقتنا ويمدنا بالماء والكهرباء . واقع مؤلم في أرياف القصرين فقر، بطالة، جهل وتهميش لا يوحي بأننا في القرن الحادي والعشرين فالمسألة تتجاوز الواقع السياسي الى الواقع المعيشي فكيف سيهتم من بطنه خاوية بعالم السياسة ؟ أثارها أهالي القصرين: نصيبنا 10 مقاعد وليس 8 !! يقول بعض العارفين بالشؤون الاجتماعية والديمغرافية للجهة أن القصرين تعدَ حاليا حوالي 600 ألف نسمة وليس 430 ألف كما تقول الاحصائيات الرسمية . لذلك كان من المفروض في رأيهم أن يكون عدد المقاعد المخصصة لها بالمجلس التأسيسي 10 مقاعد ( بناء على قاعدة 1مقعد لكل 60 ألف ساكن ) وليس 8 مقاعد التي مُنحت لها بمناسبة هذه الانتخابات اعتمادا على تعداد 430 ألف نسمة ..وهذا في رأيهم عنصر آخر من عناصر تهميش الجهة.