تتواصل معاناة الأهالي في أرياف سليانة وخاصة في ما يخص التزود بضروريات الحياة من كهرباء وماء ونقل ولعل مشكلة مشيخة «أولاد عبدة» خير دليل واقعي وحيّ عن هذه المعاناة. تقع أرياف «أولاد عبدة» وأولاد «زناق» و«المسايعية» قرب جبل بلوطة بسكانها الطيبين والمتعودين على فاقة الحرمان ورغم ذلك فحسن الاستقبال من سماتهم لكن عند ماتنطق كلمة «الصوناد» قد لا يعرفها جل السكان الذين استقروا كما استقرأ سلافهم على مائدة مائية هامة ودأبوا على التزود بالمياه من العيون والأودية وقد حافظ الأحفاد على هذا المنوال إضطرارا لأن الصوناد لم تربط منازلهم البسيطة بالشبكة المائية وحين عاينا السكان ذهب في مخيلتنا أن هذه المنطقة تعود إلى عصور غابرة وخاصة رؤيتنا لشاب يتزود بالماء من الوادي وينقله في أواني بلاستيكية على ظهر دابة وهو يحمل هاتفا خلويا يشغله عن الحديث معنا . هذا المشهد بعث فينا بعض التخمينات لأناس يعشقون الحياة ومحبين للتحضر لكن أوضاعهم تدعو للاستغراب لماذا لم تتكفل بهم السلط المعنية ولماذا تجاهلت هذه الأرياف وحرمت سكانها من أبسط الضروريات وهو التزود بالماء الصالح للشراب...أسئلة عديدة وإستغراب زاد في ذلك أن قنوات المياه ممتدة والشبكة تم ربطها وظل السكان يحلمون باليوم الموعود لكن دار لقمان ظلت على حالها منذ ما يربوعن السنة. السيد عياشي سالم أحد سكان تلك الربوع وبلهجة يحدوها الغضب ذكر أن الأهالي يجدون صعوبات جمة في نقل الماء إلى منازلهم بحكم وعورة الوصول إلى عيون المياه إضافة إلى ذلك عدم نقاوة الماء وهو ما يضر بصحة المواطنين. ويشير إلى أن شبكة القنوات ممتدة وما ينقص هو إعطاء إشارة الإذن بصرف المياه ووصولها إلى «المنازل» . حديث عياشي سالم كان عبارة عن صوت كل أهالي تلك المنطقة لينضم إلى حديثه الشاب منصور عبدة وبرصانة تحدث عن الوضع المزري التي تعيشه جل عائلات هذه الأرياف قائلا : «تصوروا إذا انهمرت المياه وسط الوادي فكيف ستكون حال ماء العيون التي تمتزج مياهها بالوحل ليستحيل شربه حتى على الحيوانات». ليضيف أنه والأجيال التي سبقته ذاقوا لوعة الحرمان وجل الأهالي يشكون أمراضا جراء المياه غير الصحية والتي تستخرج من العيون وبنبرة حزينة يناشد الشاب منصور عبدة جميع الهياكل المعنية لكي تتحرك وتعطي الإذن بتزويد تلك الأرياف بالمياه الصالحة للشراب مادامت الشبكات والقوات المائية ممدودة.