هل تحول التونسي فعلا الى «فوضوي» عنيف؟ وهل الموظف ضحية؟ أم أن هناك تقصيرا من الادارة التونسية؟ «الشروق» حاولت تحليل ظاهرة العنف المسلط على الموظفين من وجهة نظر علمي النفس والاجتماع. يقول الدكتور حبيب تريعة الدكتور في علم النفس وعلم الاجتماع انه من الضروري القيام بتحليل موضوعي للظاهرة، مع الأخذ بعين الاعتبار كل المعطيات. وأضاف أن تونس كانت قبل الثورة بلدا منضبطا يعمل على تطبيق القانون، ويحترم أفراده بعضه البعض، وكانت الحياة مستمرّة. وكانت الثورة زوبعة خلفت الفوضى حسب ما عبّر به الدكتور حبيب تريعة.. وهو ما جعل الادارة تُصاب. وأكد أن الادارة قد عاشت تسيّبا وانخراما كبيرا وهو ما جعل المواطن يشعر بعدم قيام الموظف لواجبه أثناء دخوله للادارة. مركب العظمة وكتفسير لتغيير سلوك التونسي بعد الثورة يقول الدكتور في علمي النفس والاجتماع إن التونسي قد أصيب بداء العظمة بعد الثورة وهو ما دفع به الى مواجهة الانخرام الذي يراه في الادارة بطريقته الخاصة.. وبما أنه لاحظ أن «دار لقمان على حالها» فهو يحاول التغيير من منطلق شعوره بالعظمة التي سقته إياها وسائل الاعلام وما تمّ ترويجه في العالم عن عظمة الثورة التونسية والربيع العربي، ولم يعد التونسي راضيا علي أي شيء. والواضح أن هناك تراكمات ومخزون من السلبيات الموجود في ذهن التونسي. وأضاف محدثنا أن غياب الثقة في الادارة وفي السلطة والاحساس بالاضطهاد هو الذي حوّل السلوك التونسي نحو العشوائية، لذا هو يردّ الفعل في أي فرصة تسمح له.ويبدو أن غياب الأمن والأمان قد سوّى بين الرؤوس. من جهة أخرى تراجعت قيمة الدولة في ذهن التونسي بسبب عدم وجود قصاص عادل مع القناصة ومن ينتهك الأمن.. وبسبب غياب الحلول المعيشية.. ويقول الدكتور حبيب تريعة إن من واجب الدولة إيجاد الحلول الاقتصادية ومكافحة غلاء المعيشة لكبح جماح العنف وإلا فهي مهدّدة بثورة ثالثة (نظرا لأن ثورة 1984 هي الثورة الأولى حسب رأيه). غليان الشعب التونسي وفورانه وعنفه هو ناجم عن غياب الحلول الأمنية وعن الضغط النفسي المتولد بسبب غلاء المعيشة.. فكان التونسي نادم على العهد الذي مضى.. وعمّا يعيشه بعد الثورة. ورغم أن الحكومة جديدة إلا أن الضغط يرتفع عند التونسي.. ويواصل التخبط ويرد الفعل من خلال العنف.. وأضاف الدكتور حبيب تريعة أنه من الأولى أن تقوم تونس بتوفير حاجياتها المعيشية لتوفير حاجيات دولتين (لها ولليبيا) خاصة مع قلة امكانياتها.. وحتى لا يدفع التونسي الضريبة. غياب السلطة من جهته اعتبر الدكتور عماد الرقيق (مختص في علم النفس) ان غياب الأمن والسلطة القوية قد دفعت الأنا الأعلى للشعور بالعظمة.. كما أن هناك غيابا للثقة في الأمن وفي القوانين. وأضاف أن التونسي يعاني من الضغط النفسي وهو ضغط ناجم عن الوضع الداخلي والعالمي وأكد أن عدوى الفوضى قد اكتسحت كل الميادين.. فالعنف يعدي والفوضى تعدي وهو ما يتسبّب في انفلات كبير. وأضاف أن غياب السلطة الواضحة يزيد من الانفلات واللجوء نحو التعبير بالعنف وانتقاد الادارة.