لا تزال تداعيات طرد السفير السوري من تونس تلقي بظلالها على المشهد السياسي... تساؤلات كثيرة تُطرح حول خلفيات اتخاذ القرار وخصوصا غياب التشاور وعرض الأمر على المجلس التأسيسي، صاحب السيادة ومصدر الشرعية. عضو المجلس التأسيسي عن حركة «النهضة» الذي ترأّس لجنة قانون التنظيم المؤقت للسلط العمومية الحبيب خذر أكّد ل «الشروق» أنّه لا مدعاة للعودة إلى المجلس التأسيسي قبل اتخاذ مثل هذا القرار وأي قرار يقع ضمن اختصاص السلطة التنفيذية. وأشار حذر إلى أنّ الفصل 11 من قانون التنظيم المؤقت للسلط ينصّ على أنّه «يختصّ رئيس الجمهورية بتمثيل الدّولة التونسية ويتولّى كلّ من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة رسم السياسة الخارجية للدولة بالتشاور والتوافق بينهما» قائلا «عندما ننطلق من هذا النص نتبين أنّ السياسة الخارجية من مشمولات السلطة التنفيذية تقرّر فيها ما تراه صالحا، أمّا المجلس التأسيسي كسلطة تأسيسية تشريعية ومن خلال سنّه هذا القانون فقد فوّض صلاحية اتخاذ هذه القرارات إلى السلطة التنفيذية». وأكّد خذر أنّه لا معنى للعودة إلى المجلس التأسيسي بعد أن أعطى تفويضا للسلطة التنفيذية لاتخاذ قرارات لأنه إذا تمّ الرجوع إلى المجلس في مثل هذا القرار فإنّ ذلك سيفتح الباب أمام قرارات أخرى، وعندئذ واعتبارا لأنّ المجلس لا يمكن أن يتّخذ قرارا إلّا عبر جلسة عامّة بحضور كافة أعضائه فمعنى ذلك أنّنا سنُغرق المجلس التأسيسي بتسيير شؤون البلاد فيعجز بالتالي عن القيام بالمهمّة الأساسية الموكلة إليه وهي سنّ دستور جديد للبلاد في أجل معقول». وخلُص خذر إلى القول إنه «لا مدعاة من الناحية القانونية إلى الرجوع إلى المجلس التأسيسي في هذه الحالة». في المقابل اعتبر عضو المجلس التأسيسي عن الكتلة الديمقراطية عصام الشابي أنّ هذا القرار استثنائي لم تتّخذه الخارجية التونسية سابقا وقد يؤثّر على علاقات تونس بالأشقاء والأصدقاء، مضيفا أنه كان من المفروض أن توسّع الحكومة دائرة المشاورات مع الاحزاب الوطنية خاصة أنّ الوزير الأول استقبل قادة هذه الأحزاب قبل 4 أيام من إعلان القرار ولم يتمّ التطرّق إلى الموضوع إطلاقا. ورأى الشابي أنّ هذا القرار إمّا أن يكون قد اتّخذ على عجل يوم السبت الماضي أو أنه كان يُطبخ في أروقة الخارجية ورئاسة الجمهورية ولم تكلّف الحكومة نفسها عناء إحاطة مختلف الأطراف السياسية علما به، معتبرا أنه «في كلتا الحالتين هناك خطأ، لأنّ قرارات بهذه الأهمية لا تكون نتيجة ردّة فعل على مذابح ارتكبها النظام السوري ضدّ الشعب» لكن الشابي أكّد وقوف حزبه (الحزب الديمقراطي التقدّمي) ومعظم مكونات الساحة السياسية في تونس مع الثورة السورية والشعب السوري مشيرا إلى الاجتماع الذي عقدته المعارضة السورية في تونس برعاية الحكومة والذي حضرته الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي مية الجريبي. وتابع الشابي قوله «نعتقد أنّه كان ينبغي على الحكومة على الأقل وعلى وزير الخارجية أن يكلّف نفسه عناء التحوّل إلى المجلس التأسيسي بوصفه صاحب السيادة ويحيطه علما بالقرار، وقد تكون هذه الخطوة مهيئة لاتخاذ قرار تونسي صادر عن مجلس منتخب هو صاحب السيادة والشرعية» مشيرا إلى أنّ «السياسة الخارجية يجب أن تراعي علاقات الدول والشعوب ورعاية مصالح التونسيين المقيمين بسوريا واتخاذ التدابير اللازمة لتحمّل تداعيات هذا القرار». واكّد الشابي أنه لو دار حوار بين الحكومة والمجلس التأسيسي حول هذا الموضوع لتجنبنا هذا المأزق. وردّا على سؤال حول إمكانية عقد جلسة للمجلس التأسيسي لمساءلة وزير الخارجية وللنظر في سبل تخفيف وطأة تداعيات القرار قال الشابي إنّ الكتلة الديمقراطية ستطلب رسميّا من رئيس المجلس التأسيسي دعوة وزير الخارجية لمساءلته حول هذا الموضوع وقد نقلنا هذا المقترح إلى شركائنا في الكتلة الديمقراطية وفق الصيغ المعمول بها في النظام الداخلي للمجلس.