كسرت زيارة الموفد الأممي العربي كوفي عنان الى دمشق أمس الجمود السياسي الذي طبع الأزمة السورية منذ أشهر وبدا أنها قد فتحت الباب أمام حل سياسي حملته مبادرة عنان التي كان عنوانها الاساسي الحوار ورفض التدخّل الاجنبي ووقف العنف. وهي خطوة قوبلت بترحيب واسع من النظام الذي وصفها بمثابة «انتصار» بالنسبة إليه. التقى الرئيس السوري بشار الأسد أمس في دمشق كوفي عنان وبحث معه سبل انجاح مبادرته السياسية التي تركّزت على اطلاق حوار سياسي وايقاف العنف وادخال المساعدات الانسانية الى المتضررين والافراج عن المعتقلين، وفق ما أكّدته مصادر متطابقة ل «الشروق» في دمشق. وذكرت المصادر أن الرئيس الأسد أبدى تجاوبا كبيرا مع هذه المبادرة وأكّد استعداده لانجاح أيّة جهود صادقة تهدف الى اعادة الاستقرار الى سوريا وتفضي الى إنهاء العنف... لكن الأسد طالب كوفي عنان خلال هذا اللقاء بالاعتماد على دراسة تستند الى الواقع الموجود على الأرض وليس على ما تبثّه بعض وسائل الاعلام الممولة من دول خليجية وغربية. كما شدّد الرئيس السوري على أن أي حوار سياسي لن يكون ذا جدوى ولن يؤدي الى أية نتائج طالما هناك مجموعات مسلحة ارهابية تعمل على نشر الفوضى والقيام بأعمال تخريب وقتل... من جانبه أكّد كوفي عنان على التزامه العمل بحيادية وبشكل عادل ومستقل ورفض الضغوط والتدخّلات الخارجية معربا عن أمله في أن ينجح في مسعاه هذا ويتوصّل بالنهاية الى وقف العنف الذي يضرب سوريا في «إطار سياسي» كما شدّد عنان على ضرورة أن يقبل طرفا الأزمة بالحوار كخيار وحيد من أجل التوصّل الى تسوية سلمية مشيرا الى أنه سيكرّس جهوده في هذا الاتجاه، كما ينتظر أن يلتقي عنان أثناء مهمته هذه أقطاب المعارضة في الداخل والخارج. وفي هذا الصدد أكّد مراقبون ل «الشروق» في دمشق أن زيارة كوفي عنان هي مفصل شديد الأهمية بالنسبة الى مستقبل الاوضاع في سوريا بعد نحو عام من انفجار الأزمة. وقال المراقبون السوريون إن لقاء الرئيس بشار الأسد بكوفي عنان حمل مؤشرات طيبة ورافقته أجواء ايجابية وأيضا آمال كبيرة في نهاية وشيكة للأزمة السورية لكنهم حذّروا من مغبّة أن تكون هذه المبادرة فرصة جديدة ضائعة في حال تمسّكت المعارضة السورية بموقفها الرافض للحوار. وأضاف المراقبون ذاتهم ل «الشروق» أن نجاح هذه المهمة لا يتوقّف على سوريا بل على سوريا وأطراف أخرى ليس فقط المعارضة بأطيافها وانما «من يقف موقفا محددا ضد النظام أو مع المعارض أو ضد المعارضة ومع النظام» لأن القضية أخذت بعدا عربيا وبعدا اقليميا وبعدا دوليا ومن ثمة فإن هذه الابعاد جميعا يجب أن يكون هناك إلمام بها من جهة ومعالجة للوصول الى هدف مشترك ورؤية مشتركة وإلا فإنه لا حل للأزمة. وأكّد المراقبون أن هذا الامر مرتبط بعناصر أخرى منها خصوصا الكتلة الغربية ومن حولها ومنها الكتلة العربية التي تسعى الى التسليح ومنها ايضا الكتلة التي تدعم سوريا بشكل واضح روسيا والصين وبعض دول «البريكس»... وشدّد المراقبون على ضرورة أن تلتقي كل هذه الاطراف على تفاهم على وضع معين وتأخذ في الاعتبار الاستراتيجية المشتركة على صعيد أوسع من سوريا بما يجعل سوريا خارج دائرة التصادم المسلح أو العنف الدامي واتّهم المراقبون بعض الجهات الدولية والعربية بإنكار العنف الذي تقوم به المعارضة مشيرة الى أن النظام يقول إن من حقّه الردّ على العنف بالعنف معتبرة أن الحل يجب أن يبدأ بإجبار المجموعات المسلحة على تسليم سلاحها ووقف أعمال العنف والتخريب، ومن ثمّة يتم التأسيس لحوار جاد بين مختلف الاطراف يرتكز الى الحل السلمي. وأضافت في هذا الصدد أن مهمّة عنان هذه خطوة أولى مهمة في هذا الاتجاه لكنها تصطدم بعقبة يجب تذليلها من قبل قوى لها تأثير على المعارضة وقوى لها تأثير على النظام مشيرة الى ضرورة اجبار الطرفين على وقف العنف واستتباب الأمن والسلام والشروع في الحوار. على صعيد آخر شهدت سوريا أمس موجة جديدة من العنف الذي كانت محافظة درعا أحد أبرز ساحاته حيث دارت اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومجموعات مسلحة سقط على اثرها عدد القتلى معظمهم من المسلحين. وأكّدت مصادر متطابقة أنه جرى اعتقال عشرات المسلحين اضافة الى مصادرة سيارة مسروقة وأسلحة خطيرة تم تحضيرها لتنفيذ موجة جديدة من الأعمال الارهابية وفيما تحدّثت مصادر في المعارضة السورية عن سقوط عدد من القتلى إثر سقوط قذائف هاون واطلاق رصاص في بعض الاحياء قالت مصادر اعلامية رسمية ان مجموعة مسلحة اختطفت الليلة قبل الماضية رئيس بلدية اللطامنة في ريف حماة... وفي المنطقة ذاتها أصيب طفلان اثر انفجار عبوة ناسفة في حي «أبو الفداء»... كما انفجرت ثلاث عبوات ناسفة بجانب جامع السرجاوي بحماة.