تأجيل محاكمة المحامية سنية الدهماني لجلسة 16 جوان    الكاف: تجميع 53700 قنطار من الشعير منذ انطلاق موسم الحصاد    شرطة لوس أنجلوس تفرض حظرا على التجمع وسط المدينة    لكمات وشجار داخل البيت الأبيض.. هذا ما جرى بين ماسك ووزير الخزانة    " قافلة الصمود " .. قرابة 1700 مشارك ينطلقون من تونس لكسر الحصار على قطاع غزة    نقابة الصحفيين: سنعمل على ان تصل قافلة الصمود إلى مبتغاها.. #خبر_عاجل    تصنيف لاعبات التنس المحترفات : انس جابر تتقهقر الى المركز 59    ناغلزمان بعد الهزيمة من فرنسا: ألمانيا تبني شيئا مميزا    عاجل/ حصيلة أوّلية: 3 قتلى في حادث مرور بالقيروان    عاجل : الاف التونسيين مهددون بخسارة أموالهم في البنوك دون علمهم... هل حسابك من بينهم؟    عاجل/ ملف الأضاحي: الكشف عن تجاوزات خطيرة والدعوة للتحقيق والمحاسبة    تنس : الترتيب الكامل لللاعبين التونسيين لهذا الأسبوع    عاجل : الدولة التونسية تسترجع 400 ألف حساب بنكي نائم... هل حسابك من بينهم؟    تونس تتحصل على جائزة 'لبّيتم' للتميز في خدمة ضيوف الرّحمان    روبرت ليفاندوفسكي: لن ألعب مع منتخب بولونيا مرة أخرى .. لهذا السبب    مفاجأة بالأرقام : قطاع المياه المعلبة في تونس يُنتج 3 مليارات لتر سنويًا    "حياتي في الصحافة من الهواية الى الاحتراف" اصدار جديد للكاتب والصحفي محمود حرشاني    تفاصيل جريمة بوسالم تهز الرأي العام: مأساة إنسانية ومطالب بتفعيل القانون عدد 58 لسنة 2017    المباراة الأولى لمحمد علي بن رمضان.. الأهلي ينهزم أمام باتشوكا بركلات الترجيح    قافلة ''الصمود'' تُغادر تونس في اتّجاه غزة لفكّ حصارها(فيديو)    8 شهداء برصاص الاحتلال أثناء انتظارهم المساعدات برفح    عاجل : موسم حج 1446ه آخر موسم صيفي ...تفاصيل لا تفوّتها    عاجل/ ظهور متحوّر جديد من كورونا شديد العدوى    الحرارة تصل 42 درجة اليوم.. #خبر_عاجل    عاجل/ جيش الاحتلال يختطف السفينة "مادلين" المتوجّهة الى غزّة    حظر سفر مواطني 12 دولة إلى الولايات المتحدة يدخل حيّز التنفيذ    باكالوريا 2025: أكثر من 151 ألف مترشح يستأنفون اليوم اختبارات الدورة الرئيسية    ثلاثة أعمال كبرى من السينما التونسية ستعرض نسخها المرمّمة في مهرجان "السينما المستعادة" سنة 2025 في إيطاليا    وزير التربية يتابع سير العمل بمركزي إصلاح امتحان البكالوريا بولاية سوسة    جامعة كرة القدم: إلغاء اللقاء الودي بين تونس وإفريقيا الوسطى    بتكليف من رئيس الجمهورية ،وزير الشؤون الخارجية يترأس الوفد التونسي في أشغال مؤتمر الأمم المتحدة الثالث بمدينة نيس..    ألكاراز يحتفظ بلقب فرنسا المفتوحة بعد انتفاضته أمام سينر    في غياب هيكل تعديلي .. التلفزات الخاصة إثارة وانحرافات بالجملة    مع الشروق : في انتظار النبض !    أولا وأخيرا .. أسعار لها مخالب وأنياب    الليلة..خلايا رعدية وأمطار بهذه الجهات..    وراء قصة القهوة ... نضال أفريقيا ضد الاستعمار    لحسن تنظيم موسم الحج: تونس تتحصل على الجائزة البرونزية الأولى 'لبّيتم' في خدمة الرحمان    زيت الزيتون التونسي يتألق دوليًا: 57 تتويجًا في مسابقة إسطنبول لجودة الزيت    بعد عقود من الغياب: أول "بيركن" تظهر للنور في مزاد عالمي    35% فقط يصلون إلى البكالوريا... أين الخلل؟    بسام الحمراوي: '' أريار الڨدام''... فكرة خرجت من حب الماضي وتحوّلت لسلسلة كاملة بفضل الجمهور    وزارة الفلاحة وبنك التضامن يصدران منشورا يقضي بتمويل موسم حصاد الاعلاف الخشنة    شنوة لازمك تاكل في كلّ مرحلة من حملك باش تضمن راحة وسلامة ليك وللصغير؟    رئيس البعثة الصحية لموسم الحج يدعو الحجاج إلى أخذ الاحتياطات اللازمة في ظل ارتفاع درجات الحرارة    في ثالث ايام العيد.."الصوناد" توجه نداء هام للتونسيين..#خبر_عاجل    وزير التربية يؤدي زيارة تفقدية إلى مركز إصلاح الباكالوريا بالمهدية    رفع أكثر من 45 ألف مخالفة اقتصادية في خمسة أشهر من 2025    وزير الشؤون الدينية يلتقي بالحجيج التونسيين في مخيّمات منى (صور)    تونس تلاقي منتخب إفريقيا الوسطى: نحو تكريس هوية هجومية تقطع مع التحفظ الدفاعي    عاجل/ النيابة العمومية تأذن بمباشرة الأبحاث حول شبهات فساد بهذه الشركة..    3 علامات في رقبتك لا يجب تجاهلها: قد تكون إشارة لمرض صامت يهدد الملايين!    ما عندكش وقت للرياضة؟ تقسيم المشي على النهار ينجم يكون سرّ صحة قلبك    قصة رجم الشيطان في منى: عبادة تعبّر عن الطاعة والتضحية    جائزة محمود درويش تضيء على إرث الصغير أولاد أحمد وشعر المقاومة    تسليم كسوة الكعبة لسدنة بيت الله الحرام    في حفل تكريم الموسيقي لسعد المؤخر ...موسيقيون لأول مرّة يجتمعون وبالذكريات يتأثرون    منح جائزة محمود درويش الأولى بعد الوفاة للشاعر الصغير أولاد أحمد عن مجمل أعماله (لجنة تحكيم)    









الفيضانات الاخيرة : حصيلة غامضة و كارثة صحيّة و بيئية على الأبواب
نشر في الشروق يوم 19 - 03 - 2012

زيادة على خسارة أكثر من مليار متر مكعب من الماء فإن الفيضانات الاخيرة بدأت ترمي بظلالها على البيئة وعلى صحة الانسان.

بلغة الأرقام نزل منسوب المياه الراكدة في السهول وعلى قمم التلال الى 15 صم لتصبح التربة قادرة على امتصاص ما تبقى من مياه في تلك البرك المنتشرة على مساحة جملية تقدر ب25 ألف كلم2 موزعة على ولايات منوبة وبنزرت وباجة وجندوبة والكاف وسليانة وجزء من ولاية أريانة.

كما تقول تقارير وزارة الفلاحة والدفاع الوطني والادارة العامة للحماية المدنية أن ذوبان الثلوج التي تراكمت على مدى ثلاثة أسابيع في المرتفعات لم يؤد الى ارتفاع منسوب المياه في الأودية والأنهار بشكل خطير بل أنّ الوضع عاد الى ماهو عليه بالنسبة لأهم وادي في تونس وهو وادي مجردة وحتى الرعب الذي تملك آلاف التونسيين خشية انفجار أحد السدود نتيجة الضغط الكبير بسبب معدّلات الانسياب المائي غير العادية المسجلة في تونس في شهري فيفري وجانفي الفارطين لم يعد له معنى.

هذا الانفراج المناخي يخفي للأسف الشديد عديد المخاطر التي بدأت تلوح في الأفق بسبب غياب سياسة واضحة للتصرف في المياه الراكدة الى حدّ الساعة على مساحات شاسعة من الأراضي الفلاحية بل أن قرى بأكملها لازالت محاصرة ببحيرات خلفتها الفيضانات الاخيرة وخصوصا في ولاية سليانة وشمال ولاية القيروان.

وحسب التقديرات الأولية، فإنّ أكثر من ثلاثة مليارات م3 من المياه خلفتها الأمطار الطوفانية خلال شهرين في تونس تمّ تخزين نصفها في السدود والبحيرات الجبلية في حين ابتلع البحر والسباخ حوالي مليار متر مكعب والبقية لازالت راكدة الى حدّ الآن في السهول والأراضي المنخفضة.

الحصيلة الحقيقية؟

رغم أن خبراء المناخ ومهندسو المياه قادرون على تحديد كميات المياه المتأتية من الأمطار إلاّ أن الرأي العام في تونس لايزال الى حدّ الساعة يجهل الحصيلة الحقيقية للفيضانات الاخيرة، بل أن بعض الوزارات المختصة اكتفت باعطاء أرقام عامة وحصيلة تقديرية قد تكون بعيدة كل البعد عن الواقع.

هذا الوضع الغامض فيما يتعلق بالحصيلة النهائية للفيضانات جعل من عمليات التدخل تفقد جديتها وتتسم بالعشوائية وهو ما يفسر تواصل معاناة المواطنين في العديد من القرى والبلدات خاصة في ولاية سليانة وجندوبة وعلى الحدود مع الجزائر.

ورغم أنّ المؤتمر العالمي للمياه المنعقد بداية هذا الشهر في مدينة مرسيليا الفرنسية أشار الى أن تونس معرضة الى العطش والجفاف في السنوات القادمة فإنّ الاسراع بتحيين الخارطة السدودية من طرف الدولة يبدو أنه ليس من المسائل العاجلة على أهمية السدود في توفير الأمن المائي لبلد مثل تونس.

والوقع أنّ ما أهدر من آلاف ملايين الأمتار المكعبة من المياه كان سببا كذلك في اغراق آلاف الهكتارات من الأراضي الفلاحية واتلاف المحاصيل والقضاء على مئات القطعان من أبقار وأغنام وهو ما يفسر ارتفاع أثمان اللحوم التي بلغت أسعارا خيالية دفعت بالمواطنين الى العزوف عن استهلاكها.

في ذات الوقت يقول الخبراء الفلاحيون أن التربة وأديم الأرض تعرضا الى خسائر فادحة بسبب الانجراف وانزلاق الأراضي ما يفهم منه أن آلاف الهكتارات من الأراضي الفلاحية فقدت خصوبتها والعديد من مكوّناتها العضوية التي تساهم في الرفع من المحاصيل وتحسين جودة المنتوج الفلاحي.

مخاطر بيئية وصحية

إن لم تتوفر الى الآن أرقاما واضحة عن الحصيلة البشرية للفيضانات الاخيرة، فإنّ عددا كبيرا من الغيابات لمواطنين يقطنون قرى جبلية تمّ تسجيلها وربما ستساعد الأحوال الجوية اليوم على الكشف عن مصير هؤلاء، لكن الخطر الحقيقي يكمن في مخلفات الفيضانات على البيئة وعلى صحة الانسان.

فالهياكل المعنية سواء على المستوى المحلي أو الجهوي أو الوطني لم تتحرك للقيام بعمليات التطهير اللازمة للأدوية والأنهار والمستنقعات والبرك العملاقة للمياه التي تراكمت بشكل يوحي أنّ كارثة حقيقية بصدد التشكلّ إن لم تسارع الدولة باتخاذ الاجراءات الكفيلة بمنعها، فعلى طول الطريق الرابط على سبيل المثال لا الحصر بين تونس العاصمة وولاية بنزرت لازالت مياه الأمطار الاخيرة تغمر الأراضي التي قد تكون تحولت الى مقابر جماعية لقطعان الأغنام والأبقار وبقية الحيوانات الاخرى التي قضت في الفيضانات الاخيرة.

وفي قرى عديدة من ولايات الشمال الغربي جرفت الأمطار كذلك جثث قطعان الماشية وربما بعض البشر ودفعت بها الى الأودية والأنهار وهو ما يعني أن ظهور الأوبئة وتعفنا للمياه أصبح أمرا ممكنا إذا ما تواصل ارتفاع درجة الحرارة.

الى ذلك قد تشهد تونس في الصائفة القادمة تفريخا غير مسبوق للناموس والحشرات الأخرى بفعل تراكم المياه في السهول المجاورة للمدن وفي السبّاخ التي شهد منسوب المياه الراكدة فيها رقما قياسيا دون أن تتدخل المصالح البلدية وكذلك الوحدات المختصّة بوزارة الفلاحة بعمليات رشّ الأدوية اللازمة لمنع تفريخ الناموس والحشرات.

المياه مهدّدة...

إن كانت الدولة وبعض منظمات المجتمع المدني في تونس قد اكتفت بتوزيع الحشايا وعلب الحليب والمصبّرات على المتضرّرين من الفيضانات الاخيرة فإن التونسيين كانوا ينتظرون من خبرائهم في المياه ومهندسي وزارة الفلاحة تدخلا ميدانيا للتثبت من أن تزويد خزّانات المياه المعدّة للشرب يتوفر على الشروط اللازمة لتفادي تلوث الخزّانات أو تسرّب الجراثيم التي ربما انتشرت في الأودية والأنهار نتيجة تعفن جثث الحيوانات والتأخير الواضح في الانطلاق في عمليات تطهير السدود والبحيرات الجبلية والأنهار والأودية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.