تونس (الشروق) في السنوات الأخيرة عاد مصطلح الأدب النسائي ليتصّدر واجهة الحياة الثقافية ليس من خلال الكم الهائل للإصدارات النسائية في مجالي القصة والرواية فقط بل من خلال الجوائز والندوات والمهرجانات التي تعتني بالإبداع الأدبي النسائي. هل يوجد أدب نسائي ؟ هل للكتابة جنس؟ من هذا المصطلح انطلقت «الشروق» في إعدادها لهذا الملف وطرحت السؤال على مجموعة من الكتاب التونسيين المهتمين بالرواية كتابة ونقدا الى جانب الروائي السوري حسن حميد هذا الملف كان على هامش منتدى الروائيين العرب الذي احتضنه النادي الثقافي الطاهر الحدّاد مؤخرا وكان موضوعه المرأة في الرواية العربية؟ الدكتور محمد القاضي: الإبداع... لا جنس له أنا أعتقد أن الكتابة من حيث صيغتها اللغوية هي كلمة مؤنّثة ولكن السؤال هل للكتابة جنس بصفة عامة؟ الجواب عنه نعم إذا قبلنا بالجنس الأدبي أمّا الجنس الاجتماعي يعني التأنيث والتذكير فأعتقد أنّه لا مجال للحديث عنه في مستوى الكتابة. صحيح أنّنا نرى في بعض الندوات والكتابات تركيزا على الكتابة النسائية لكن أعتقد أن السؤال هنا يطرح بمستوى الحركة الاجتماعية أكثر مما يطرح في مستوى الابداع..سؤال الكتابة الأصلي هو سؤال يتنزّل في مستوى المحدّدات الأجناسية التي تتحكّم في الطبقات السفلى للكتابة والتي تقضي بأن يكون النص وليد النص أصلا وبدون شكّ يمكن أن نتحدّث عن كتابة نسائية اذا ما اهتممنا بهذا الجزء من المجتمع العربي الذي لم يكن له صوت إنّما كان يتحدّث عنه بصفته موضوعا ولا يطلق له العنان حتى يتحدّث هو الظاهرة جديرة بالدراسة من هذه الجهة فقط أمّا أن نتحدّث عن حساسية فنية أو عن رواية نسائية فأعتقد أن هذا لا مجال له لأنني أعتقد أنّه لا يمكن الفصل بين رواية تكتبها المرأة ورواية يكتبها الرجل علينا أن نقوم بتجربة مثلا أن نمحو إسم الكاتب ونقرأ الرواية هل بإمكاننا أن نثبت هوية النص النسائية أو الرجالية بعيدا عن هويته الاجناسية بالمعنى الأدبي؟ هذا هو السؤال الجدير بالطرح، استمعنا في هذه الندوة الى الكثير من المداخلات والغريب بالنسبة إليّ هو أن تتصدّى المرأة للدفاع عن شعار الكتابة النسائية ورأيت وهذه قد تكون مفارقة الكاتبات يدافعن عن هوية نسائية للأدب أعتقد أن المعركة هنا هي معركة لا أدبية وأظن أن التقدم في مستوى الكتابة أي التراكم الابداعي يمكن أن يحسم هذه المسألة لأن الابداع لا جنس له. حسن حميد: مصطلح... هراء هذا هراء، هذا مصطلح لا معنى له ومن خلقه كان يبحث عن أمرين الأول ربما يكون إيجابيا والثاني سلبيا. الإيجابي أن بعض النقاد الذين اشتغلوا على هذا المصطلح أرادو أن يحتفوا بالمرأة على هذا النحو التفكيكي السيئ من أجل منح دور للمرأة الكاتبة في الحياة الثقافية. والمعنى السلبي أن الناقد العربي أراد أن يوجد دوائر منع أشبه بالأحزاب التي تبعد المرأة عن كينونتها في هذا المجتمع. أنا من الذين يقولون أن هناك أدب سواء كتبه الرجل أو المرأة ولا يهمني كثيرا من وراء هذا النص، ما يهمني بشكل أساسي هو هذا النص المكتوب جيدا والأدب الجيد الذي يتضمّن تقنيات عالية ومضامين نبيلة.. الموهبة موجودة لدى المرأة ولدى الرجل وحين نقول أدب نسائي كأننا نشك في موهبة المرأة ونعود الى تلك المقولة القديمة التي تنعت المرأة بالقصور الثقافي والديني. علينا أن ننتبه الى الأدب لكن من الناحية الأكاديمية قد نستعمل هذا المصطلح من أجل الحفر في اتجاه نقدي معين وليس من أجل مدح المرأة بشكل عشوائي غير مناسب ولا من أجل تأطيرها في دوائر تريد أن تخرج منها. مسعودة أبو بكر: هناك أدب نسوي هناك أدب نسوي ربّما بمعنى الأدب الذي يعالج قضايا المرأة ووضعيتها الاجتماعية، فبهذا المعنى يمكن أن نتحدّث عن أدب نسوي، أما الأدب النسائي فلا وجود له بمعنى أن الكتابة ليست مرتبطة بجنس الكاتب وقد تكون مرتبطة بموضوع الكتابة لهذا السبب قلت أنه يمكن الحديث عن نسوي لكن لا يمكن الحديث عن أدب نسائي.. وهذه التقسيمات التي نقرأ عنها من حين لآخر أو نسمع من يتحدث عنها لا أعتقد أنها تقسيمات صحيحة. ساسي حمام: لا يوجد أدب نسائي ليس للكتابة جنس، لا يوجد أدب نسائي وآخر رجالي هناك أدب يتحدّث عن الانسان بصفة عامة. وهذه المصطلحات لا أساس لها من الصحة لأن الأدب انساني والكتابة لا يمكن أن ترتبط بجنس كاتبها امرأة كان أو رجل. أعتقد أن هذه المصطلحات هي مجرّد مصطلحات تقنية وليست لها دلالة أكثر من هذا ولا يمكن الحديث عن أدب نسائي ولا عن أدب رجالي. ظافر ناجي: هناك خصوصية أدبية ليس للكتابة جنس، هناك أجناس أدبية يكتب فيها الرجل والمرأة لكن هناك خصوصية أدبية وهي مرتبطة بزاوية النظر للأشياء. أماتقسيم الأدب حسب الجنس فلا أعتقد أن ذلك يمكن أن يصبح مقياسا نقديا. الأدب انساني والخصوصيات تنطبق على ما يكتبه الرجل وما تكتبه المرأة على حدّ السواء. صالح الدّمس: أنا كاتب نسائي ! الكتابة ليست جنسا، الأدب النسائي ليس الذي تكتبه المرأة بل الذي يدافع عن قضية حتى وإن كتبه رجل. فأنا مثلا يمكن تصنيفي ككاتب نسائي لأنني أدافع دائما عن المرأة وفي كل قصصي ورواياتي تحضر المرأة كضحية للمجتمع الأبوي والذكوري. فأنا لست امرأة لكنني أدافع عن المرأة فهل يعني هذا أن ما أكتبه يندرج ضمن الأدب النسائي ؟