عن مركز النشر الجامعي صدر للدكتورة نجوى الرياحي القسنطيني كتاب جديد يحمل عنوانا دالاّ بذاته هو «النسائية في محافل الغربة» وقد قدّم الكتاب بأسلوبه المتميز الاستاذ الناقد توفيق بكار، ومما جاء في تقديمه الموسم ب «وإذا المرأة كتبتْ» : «منذ العنوان بيّنت الكاتبة غرضها وما سعت الى ان تثبته بالحجّة المقنعة انه جرم نقد ولا ذنب انشاء، فاختارت من الاقوال أدل شواهدها واقبلت عليها بذهن ثاقب ودراية المتمرسة تفحصها وتمحّص، متأنية متحريّة، تساءل قائيلها عن مشروعيتها وتناقشهم فيها احكامهم كاشفة لهم عن عللها معترضة على ظلمها ولا تراها تكذّب دعوى أو تسفّه رأيا، إلاّ وأعلام النقد لها مراجع وقرائن النصوص برهان»... ومن خلال هذا التقديم المسهب والمعجب تنكشف رويدا للقارئ عتبات هذا النص الذي يلج باب الكلام على الكلام إذ يتناول بالتمحيص الكتابات النقدية التي تناولت الإبداعات التي انتجتها نساء... وقد قسّمت الدكتورة نجوى الرياحي القسنطيني عملها الى فصلين هما اولا كتابة المرأة القراءة والتصنيف وبه قسمان هما الكتابة والقراءة وسؤال التصنيف ثم الجنسانية سؤال في المنطق والمرجعيات اما الفصل الثاني فقد افردته الدارسة والناقدة قسنطيني «كتابة المرأة وخطيئة القراءة والتأويل» وقسّمته ايضا الى قسمين هما: غربة الادب في عالم النقد وغربة النقد في عالم النقد ومن خلال هذه الفصول والاقسام سعت صاحبة المؤلف لمراجعة الخطاب النقدي حول ما كتبت المرأة مراجعة تقول انه لم يحكمها سوى العامل الفكري رافضة تحديد ما كتبت المرأة بخصائص جنسانية رغم اقتناعها بان الجنوسة في الادب ظاهرة جديرة بالبحث إذ تتداخل في خطاب النقد». وتساءلت الدكتورة قسنطيني في كتابها عن مدى وجاهة تقسيم الادب الى نسائي ورجالي مبدية عجبها من حدوث هذا في ظل غياب تراكم كمّي للأدب الذي تكتبه النساء يسمح بالكشف عن خصائص نوعية او كيفية فيه فضلا عن مواصفات تمييزية فارقة عما كتب الادباء الرجال وهو ما جعل الباحثة واقعة تحت طائلة استفزاز الاسئلة وهي سبيل الفكر محاولة تفنيد بعض المسلمات النقدية ومنها حشر النصوص التي كتبتها النساء في نمط إبداعي واحد ومتسائلة باستنكار هل حقا تقود المرأة في ابداعها الفروق الفيزيقية بينها وبين الرجال فتتسم كتاباتها بسمات سيكولوجية بيّنة؟ ثم ما علاقة الكتابة بإعتبارها جنسا تعبيريا فنيا بالواقع السوسيو ثقافي الذي فُرض لحقب هيمنة الرجل وسيادته على المرأة؟ وهي المنطلقات والاسئلة التي قادت الباحثة الى تحويل وجهة عملها من دراسة الكتابات التي انتجتها النساء الى النظر في النقد الدائر حولها وذلك انطلاقا من اعتبار ان ما كتبته المرأة ليس ظاهرة معزولة عن كلية الحركة الابداعية ولا ظاهرة متفرّدة جديرة دون غيرها بالدراسة، أوّلا وثانيا لأن الخطاب النقدي هو الذي يتلوّن في نظر الدكتورة قسنطيني بحالة من النسوية او النسائية او الانوثة من جهة ومن الذكورة او الفحولة من جهة أخرى.