أثار الخبر الذي نشرناه أمس حول رفض «الجزارة» التزود بلحوم الضأن الموردة من استراليا ، جملة من ردود الافعال أهمها تأكيدات من مصادر رسمية تنفي وجود أيّة اخلالات صحية في هذه اللحوم من شأنها أن تهدد سلامة المستهلك. وأضافت المصادر ذاتها أن الكمية الموردة (حوالي 4.5 طن) حصلت بتاريخ 7 أفريل الجاري على شهادة المراقبة الصحية البيطرية عند التوريد ( انظر الوثيقة المرافقة) و خضعت لمختلف الاجراءات الرقابية الديوانية المعمول بها.
كما بلغتنا أيضا تأكيدات من الشركة الخاصة التي قامت بعملية التوريد تقول إن رفض التزود بهذه اللحوم من الجزارين ومن باعة اللحوم بالجملة ليست له أية علاقة بشكوك في سلامتها الصحية أو في جودتها . فاللحوم الاسترالية مشهود لها على الصعيد العالمي بالجودة العالية وفق ما ذكره ل«الشروق» اخصائي تونسي معروف في مجال الطب البيطري والصحة الحيوانية. كما أن بُعد المسافة بين استراليا وتونس ليس له أي تأثير على سلامة اللحم لأن عملية النقل تتم بواسطة الطائرة في اليوم نفسه الذي يتم فيه الذبح وفي ظروف تبريد جيدة وهو ما حصل بالنسبة للحوم المذكورة .
مافيا
أضافت المصادر ذاتها أن رفض الجزارين وباعة اللحوم بالجملة التزود بهذه اللحوم مرده أسباب أخرى لها علاقة بسلوكيات منافية لتقاليد السوق وللمنافسة النزيهة والشريفة التي من المفروض أن يتحلى بها المتدخلون في القطاع .
فقد أكدت مصادر من الشركة التي قامت بعملية التوريد في اتصال أمس ب«الشروق» أنها وضعت اللحوم المذكورة على ذمة القصابين بسعر 12 د للكغ الواحد على أن يتولوا بيعها للمستهلك بسعر 14د وفق ما نصت عليه تعليمات وزارة التجارة وبحرص كبير من الوزير ، وذلك بغاية الضغط على الاسعار، وهو التوجه الذي قررت سلطة الاشراف اتخاذه منذ مدة لحماية المقدرة الشرائية للمواطن. غير أن القصابين (أو من يمثلهم) رفضوا التزود بهذه اللحوم من منطلق رفضهم بيعها للمستهلك بسعر 14د وذلك في تصرف «مافيوزي» تقوده أطراف نافذة في قطاع اللحوم الغاية منه الابقاء على أسعار لحم « العلوش» ملتهبة لدى الجزارين ولا تؤثر فيها تدخلات الدولة عبر التوريد. وبذلك تحافظ هذه الاطراف وفق مصادرنا على كامل مصالحها قائمة وتحقق من وراء ذلك أرباحا فاحشة على حساب المستهلك ولا تترك أية فرصة للدولة للضغط على الاسعار.
بكل الطرق...
من المعلوم أن قطاع اللحوم الحمراء في تونس حساس للغاية و ما انفك يشهد تجاذبات عديدة بين مختلف المتدخلين مما جعل الاسعار تكون في غير متناول المستهلك باستمرار . ورغم أن تونس تتوفر فيها مقومات انتاج اللحوم الحمراء وتحقيق الاكتفاء الذاتي إلا أن السوق تشهد باستمرار نقصا غريبا في العرض يتسبب دوما في ارتفاع الاسعار . وتتعدد في كل مرة الاسباب التي يتعلل بها المهنيون في القطاع ، لكن لم يقع التوصل إلى الآن إلى أي حل جذري في المجال وهو ما يقيم الدليل – وفق ما ذكره خبراء في المجال – على رغبة جامحة من هذه الاطراف في المحافظة على مصالحها المالية قائمة حتى ان تطلب الامر بث الاشاعات والاكاذيب حول كل مجهود تقوم به الدولة للضغط على الاسعار على غرار الاشاعة الاخيرة التي استهدفت الكمية الموردة مؤخرا من استراليا.