مخزون السدود في تونس يُسجّل أعلى مستوى منذ 2019    وزارة التجارة: إنخفاض أسعار الفلفل والطماطم    العائلة التُونسيّة تحتاج إلى أكثر من "5 ملاين" شهريًا..!!    عرض خاص من الخطوط التونسية لأعضاء fidelys    نواب الشعب يشرعون في مناقشة مشروع قانون يتعلق بمساهمة البنك الإفريقي للتنمية في تمويل تطوير البنية التحتية للطرقات    "بلومبرغ": الصادرات الصينية تتحدى الرسوم الأمريكية وتسجّل نمواً    بريطانيا تستعد "سرا" لهجوم عسكري مباشر من روسيا    قابس: وفاة شخصين وإصابة 8 آخرين في حادث مرور    حملات أمنية على مروّجي المخدرات وحجز كميات متفاوتة من مخدّري القنب الهندي والكوكايين    منزل بوزلفة القبض على قاصر من أجل إضرام النار بمؤسسة تربوية والاحتفاظ به..    الدورة الثامنة لتظاهرة 'الايام الرومانية بالجم - تيتدروس' يومي 10 و11 ماي بمدينة الجم    وفاة المدافع الأرجنتيني لويس غالفان بطل مونديال 1978    نصف نهائي دوري الأبطال: موقعة إنتر وبرشلونة الليلة    بطولة انقلترا : فورست الساعي للعب في رابطة أبطال أوروبا يتعادل مع كريستال بالاس    تونس الكبرى دون "تاكسيات"..ما القصة..؟    الدورة الخامسة للصالون الدولي للانشطة والتكنولوجيات المائية يومي 7 و8 ماي بمقر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية    عاجل | تشديد شروط التجنيس في فرنسا يُقلق التونسيين المقيمين بالخارج    عاجل/ بشبهة حيازة مخدرات..الاحتفاظ بلاعب دولي معروف..    اليوم: تواصل مؤشّرات الأمطار    سيناريو ماي وجوان 2023 سيتكرر..وأمطار غزيرة مرتقبة..#خبر_عاجل    المنتخب التونسي في ثلاث مواجهات ودية استعداداً لتصفيات مونديال 2026    كل ما تريد معرفته عن حفلة ''Met Gala 2025''    خبراء يحذّرون و يدقون ناقوس الخطر: ''فلاتر التجميل'' أدوات قاتلة    قليبية: ايقاف المعتدي على النساء بشفرة حلاقة    ترامب: نعرف من المسؤول عن تفجير "نورد ستريم"    التضخم السنوي ينخفض في تونس    بطولة مصر : هدف سيف الدين الجزيري غير كاف للزمالك لتخطي البنك الاهلي    المدير العام للسدود: تحسن غير مسبوق في منسوب المياه ... وبوادر إيجابية لموسم فلاحي واعد في تونس    تعاون صحي تونسي ياباني: أجهزة طبية لمستشفى الرابطة وتكوين إفريقي بتكنولوجيا متقدمة    رئيس الجمهورية يوصي بفتح باب الانتدابات وإعداد مشروع قانون المالية للسنة القادمة    سعيد: تونس تحملت الكثير من الأعباء ولا مجال ان تكون معبرا أو مقرّا للمهاجرين غير النّظاميّين    وزير الخارجية يؤكد استعداد تونس لضمان عودة سلسة للمهاجرين غير النظاميين إلى بلدانهم الأصلية    السجن والغرامة لرجل الأعمال يوسف الميموني في قضية استيلاء على الملك البحري    طقس الثلاثاء: أمطار غزيرة بهذه المناطق    بطولة روما للتنس :انس جابر تستهل مشوارها بملاقاة التشيكية كفيتوفا والرومانية بيغو    أورنج تونس تدشّن مركز البيانات الجديد بولاية سوسة لمواكبة التحديات الرقميّة المستقبلية    عاجل : بريطانيا تلوّح بتقليص التأشيرات لهذه الجنسيات    صفاقس : عودة متميزة لمهرجان سيدي عباس للحرف والصناعات التقليدية في دورته31    لأول مرة في السينما المصرية/ فيلم يجمع هند صبري بأحمد حلمي    إلزام الناشرين الأجانب بإرجاع كتبهم غير المباعة إجراء قانوني    مهرجان محمد عبد العزيز العقربي للمسرح...دورة العودة والتجديد و«ما يراوش» مسك الختام    هبة يابانية    الحماية المدنية تنبّه من الممارسات التي تساهم في اندلاع الحرائق    عاجل/ إعلام إسرائيلي: تم تدمير ميناء الحديدة في اليمن بالكامل    بطولة الرابطة الأولى: برنامج الجولة الأخيرة لموسم 2024-2025    آلام الرقبة: أسبابها وطرق التخفيف منها    محمد رمضان يشعل جدلا على طائرته    سعر "علّوش العيد" يصل 1800 دينار بهذه الولاية.. #خبر_عاجل    تتمثل في أجهزة التنظير الداخلي.. تونس تتلقى هبة يابانية    الدورة الاولى لتظاهرة 'حروفية الخط العربي' من 09 الى 11 ماي بالقلعة الصغرى    الرّابطة الثانية : برنامج مباريات الدُفعة الثانية من الجّولة 23.    قيس سعيّد يُجدّد دعم تونس لفلسطين ويدعو لوحدة الموقف العربي..    عاجل -فلكيا : موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    الدورة الاولى لصالون المرضى يومي 16 و17 ماي بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جرّة قلم : فلتستبينوا النصح ...قبل ضحى الغد
نشر في الشروق يوم 11 - 04 - 2012

كانت الطائرة الرئاسية معلقة في الهواء تبحث كما قيل وقتهاعن مهبط لعائلة الهارب (او المهرّب) حين تجمع حولنا العشاق وانهالت علينا التهاني من كل حدب وصوب حتى من مثلث برمودا وبلاد الواق..


وتسابقت الوفود لزيارتنا تبشرنا بانهار من عسل مصفى ولبن لم يتغير طعمه ..وربما يكون من سوء حظنا ان لم نظل طويلا العروس المدللة اذ سرعان ما اصبح لنا ضرائر: مصر بعد عرسنا بايام ثم ليبيا واليمن والبحرين وسوريا ...لم يمنع ذلك من ان ترسل لنا الحكومات مبعوثيها وتستدعينا عواصم وخاصة من الغرب العزيز على قلوب الكثيرين من اهلنا ...«اكتشفوا» ان لدينا شخصيات يجب ان «تكرم» فنلنا نصيبنا من الجوائز العالمية (وهي كلها ليست بريئة شكلا ومضمونا) ...و«اكتشفوا» ان لدينا طاقات علمية وفكرية وسياسية وغيرها فوجهوا لهم الدعوات لزيارات «استطلاع» وندوات «تكوين» ...وفيما انصرفنا نحن الى الاقتتال حول جنس الملائكة كانت بلادنا تتعرض لهجمة طوفانية مما يسمى (منظمات المجتمع المدني) كلها تريد ان تقدم لنا «يد العون» وفي كل المجالات من الاعلام الى الديمقراطية الى العدالة الانتقالية الى الارضية المشتركة الى كتابة الدستور الخ ..وربما يصل الامر الى طريقة النوم حسب الفصول وما يجب ان نغرس من التوابل والبقول ...

يعرف البنك الدولي /وهو امريكي الهوية والهوى/منظمات المجتمع المدني بانها «تلك المنظومة واسعة النطاق من اتحادات العمل والمنظمات غير الحكومية والمجموعات القائمة على الاديان والمنظمات القائمة على المجتمعات في المجتمع المدني» ..وفي التعريف الرسمي الامريكي فان المنظمات غير الحكومية «تشمل منظمات مستقلة تدافع عن السياسة العامة ومنظمات لا تتوخى الربح تدافع عن حقوق الانسان وتروج للديمقراطية ومنظمات انسانية ومؤسسات وصناديق مالية خاصة وشركات ائتمان خيرية وجمعيات وشركات لا تتوخى الربح وهي لا تتضمن احزابا سياسية» ...هكذا ..اعمال كلها لوجهه تعالى تريد الخير للانسان ولا تنتظر جزاء ولا شكورا؟ (صدقوا ذلك)...هذا ما قالوه ..اما ما نعرفه من خلال ما نشر من وثائق، ومن اعترافات من استيقظ ضميره منهم، ومن خلال دراسة التاريخ ان الاستعمار بدا بالتبشير او «التمدين» (البريء جدا؟) الذي سبق المستكشفين كما سموا انفسهم ..وان دولا دمرت ونظما قلبت باستخدام اغطية العون الانسانية في امريكا اللاتينية وافريقيا واسيا وبعض الساحات العربية (وليس قتل سالفادور اللندي في الشيلي الا مثل واحد) ...وبما ان التدخل الحكومي والاستخباراتي المباشر قد تسبب في العديد من المشاكل بين العواصم الغربية والدول المستهدفة فقد تم اللجوء الى (المنظمات غير الحكومية) لتنفيذ الاجندات المطلوبة حتى اذا ما انكشف دورها لم يلحق الضرر الدول نفسها ..وفي 14 ديسمبر 2006 اصدر البيت الابيض بيانا تحت عنوان (مبادئ مرشدة بشان المنظمات غير الحكومية )وهو اشبه بالاوامر والتعليمات ...ملخص ماجاء فيه فرض حرية تشكيل المنظمات غير الحكومية والسماح لها بالعمل بحرية وبتلقي الدعم المالي وغيره من الداخل والخارج وعدم محاسبتها على تبادل ونقل المعلومات لنظيراتها في العالم ..ثم ضرورة تدخل «الدول الديمقراطية» للدفاع عنها ...باختصار فرض اقامة منظمات داخل الدول المستهدفة تعمل لحساب الجهات المموّلة(بكسر الواو) وتقدم لها ما تطلبه من معلومات وخدمات ...وحسب تسريبات ويكسليكس فان وزيرة الخارجية الحالية هيلاري كلينتون اقرت برنامجا للتمويل تحت مسمى (منح من الباطن) تقدم لهذه المنظمات أي اموال تخصص للمنظمات غير الحكومية لانفاقها فيما يخدم السياسات الامريكة..وقد تابعنا ما حصل في مصر قبل اسابيع عندما كشف القضاء عمالة بعض المصريين وتجسس امريكيين عبر مثل هذه المنظمات فهددت كلينتون نفسها بقطع المساعدة عن مصر/حبا لشعب مصر؟/ اذا ما لم يطلق سراح المعتقلين ورضخت القاهرة.

الحديث في هذا الموضوع يطول ...ومانراه في تونس ان المنظمات اصبحت اكثر من هموم الشعب ولاحسيب ولا رقيب بل ربما «ارتياح» لهذا الحب الصافي ولهذه الاموال تغدق علينا ونستلمها سواء عن جهل او عن علم بما وراء الاكمة ..وآخرها فرح رئيس الجمهورية بعودة «فيلق السلام الامريكي» للعمل في تونس.اختم بما قاله عميل سابق للمخابرات الامريكية ان اول درس يتعلمونه هو ان (الحكومة الامريكية ليست مؤسسة خيرية) .وبان ما تفعله امريكا تقوم به دول اخرى مثل بريطانيا وفرنسا وغيرهما.كما اذكّر بحدثين في تاريخنا الاسلامي : اولهما مسجد الضرار الذي بناه المنافقون ( تقربا لله ايضا ؟ ) وامر الله نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم بهدمه .وهذه المنظمات الا القليل منها ضرار في ضرار.والحدث الثاني ماحدث في غزوة أُحُد عندما ترك الرماة مواقع الدفاع في الجبل وهرعوا الى الغنائم فكانت الخيبة والحسرة ..اقول ذلك لانه يبدو اننا قد تركنا موقع حماية الوطن وتعزيز مكانته ومكاسبه وهرعنا الى الغنيمة نقتتل حولها ..فيما ينخر السوس جسد بلدنا بخطة عنكبوتية جهنمية اسمها المنظمات غير الحكومية نمد لها الايدي ونتسابق لودها ولدولاراتها والجماهير مدوّخة لاتجد حتى الوقت لترى وتفرز الخبيث من الطيب ..والخطر الا نستبين النصح الا بعد ضحى الغد عندما يفوت الاوان وينغرز الخنجر المسموم في الجسد .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.