رأى المفكّر العربي الأستاذ فيصل جلول في اتصال مع الشروق من باريس أن ساركوزي سيدفع ثمن سياساته المتبعة تجاه المهاجرين وتجاه قضايا العرب والمسلمين، في هذه الانتخابات، معتبرا أن هذه السياسة سيطرأ عليها تغيير كبير لصالح العرب في حال فوز فرنسوا هولاند.
بداية، هل ترى بأن هناك فرقا بين أبرز المرشحين للرئاسة الفرنسية، ساركوزي وهولاند في برامجهم الانتخابية... وأيهما ترى بأن لديه القدرة على اعادة الدفء الى العلاقات الفرنسية العربية؟
في واقع الامر هناك فرق بين السياسيين، سياسة ساركوزي وسياسة فرنسوا هولاند، سياسة ساركوزي الداخلية تتخذ من الهجرة كبش محرقة ومن الأمن رهانا لكسب أصوات الناخبين... وهذا كله كان على حساب العرب في الداخل لأنهم يشكلون النسبة الأكبر من المهاجرين الأجانب في فرنسا... والجميع يعرف عبارة ساركوزي الشهيرة عندما وصفهم بالحثالة وقال انه سينظف أحياءهم بخراطيم المياه التي تستخدم عادة لتنظيف السيارات... أما بالنسبة الى هولاند فهو يطرح فكرة السماح للمهاجرين بالاقتراع في الانتخابات البلدية... وبالتالي يمكن للمهاجرين في عهده ان يكونوا أفضل حالا من عهد ساركوزي الذي يطرد شهريا حوالي 15 الى 30 ألف مهاجر غير شرعي.
هذا في ما يتعلق بموضوع الهجرة لكن ماذا عن السياسة الخارجية الفرنسية... وكيف ترى وزن العرب وقضاياهم في هذه الانتخابات؟
واضح أن ساركوزي يعتمد الخط الأطلسي ويعمل تحت سقف السياسة الأمريكية... لذا تمسّك بالرئيس المخلوع التونسي حتى آخر رمق ولم يتعاطف مع الثوار الا بعد انهيار نظام بن علي... وهو الآن يدعم التشدد الأمريكي تجاه سوريا بل يزايد على الأمريكيين... وهو الآن يعمل مع أصدقاء أمريكا في الخليج العربي ولا تتحدث بلاده بكلمة واحدة عما يدور في البحرين مثلا بينما يتحدث ليلا نهارا عن سوريا... هذه السياسة اذا تغير ساركوزي وجاء هولاند سيطرأ عليها تعديل لأن ناخبي هولاند يريدون سياسة خارجية مستقلة نسبيا عن الامريكيين حتى أن ناخبي جون جاك ملنشون يعتبرون أن فرنسا ليست دولة غربية بل عالمية وبالتالي يرفضون تبعية فرنسا للولايات المتحدة... وبالتالي فإن هولاند الذي سيستفيد من أصوات ملنشون سيكون مضطرا لانتهاج سياسة تجاه العرب مختلفة نسبيا عن سياسة ساركوزي... وهذا يعني أن سياسة فرنسا حيال العرب خارج فرنسا وداخلها ستتغير مع هولاند وستبقى على حالها مع ساركوزي.
لكن هولاند أكد أمس أن السياسة الفرنسية في التعاطي مع الملف السوري لن يطرأ عليها أي تغيير في حال وصوله الى السلطة بل انه ذهب الى حد القول بأنه سيدعم حتى فكرة الحل العسكري... فكيف تحلل هذا الموقف؟
في الموضوع السوري الحزب الاشتراكي قريب من اسرائيل... وهو في نفس حماس ساركوزي تجاه اسرائيل... لذلك لن يتغير الموقف تجاه ايران وسوريا... ولكن لن يكون بوسع فرنسوا هولاند أن يشن حملة عسكرية على سوريا... وهو يعرف ذلك.. أصلا هو يريد سحب جنوده من أفغانستان واخراج فرنسا من الحروب.. وهو ينتخب على هذا الأساس.. وبالتالي فإنه من الصعب أن يخدع ناخبيه ويخوض حربا مضادة للوعود الانتخابية التي أطلقها وانتخب على أساسها.
برأيك ما الذي سيكون العامل الحاسم في هذه الانتخابات؟
واضح تماما ان الفارق بين ساركوزي وهولاند هو 7 أو 8 نقاط.. مما يعني ان الفارق يعد بالملايين.. وهذا الفارق ناجم عن فشل ساركوزي في ولايته الرئاسية فشلا ذريعا... أما الذين سيقترعون فهم معروفون.. سيكون قسم من اليمين المتطرف مع ساركوزي.. وقسم من تيار الوسط مع ساركوزي.. في حين سيستفيد فرنسوا هولاند من 80٪ من ناخبي جبهة اليسار.. وسيحصل على بعض الأصوات من الوسط واليمين المتطرف.
من الواضح أن ساركوزي لعب ورقة «التشدد الاسلامي» في هذه الانتخابات اثر حادثة تولوز... فإلى أي مدى ترى أن ذلك سيكون له تأثير على مستقبله السياسي؟
لم تؤثر هذه الحادثة على شعبية ساركوزي.. فالناس في فرنسا يقترعون اليوم على أساس قضايا داخلية بحتة من بينها البطالة والقوة الشرائية والسياسة المفروضة من أجل مواجهة نتائج أزمة الأسواق العالمية.