احتضنت دار الثقافة بجبنيانة مؤخرا ندوة فكرية قدم خلالها الخبير في القانون الدستوري قيس سعيد محاضرة بعنوان «أي دستور نريد بعد الثورة» قدمها الدكتور عبد الواحد المكني تمحورت المداخلة حول المبادئ والقوانين التي يجب أن يتضمنها الدستور. غير أن أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد قلب المحاضرة رأسا على عقب حين رفع شعار أي دستور لا نريد باعتبار تخوفات المواطنين مما قد يتضمنه الدستور في ظل التجاذبات و المخاطر التي أصبحت تهدد مكاسب المجتمع المدني التونسي .
وبين سعيد أن الدستور لا يمثل الحل السحري للمجتمع بل هو جزء من جملة حلول تنتظر التجسيم على أرض الواقع، والصعوبة لا تكمن في صياغة الدستور بل في كيفية تجسيد القوانين وتفعيلها في الممارسة السياسية والاجتماعية .
مداخلة الخبير في القانون الدستوري تناولت الرؤية القائلة باستلهام مفاصل الدستور الرئيسية من الشريعة الإسلامية على شرط أن يقع التنصيص على الحريات الأساسية وأن تكون فصول الدستور متناسقة في ما بينها و تتماشى مع روح العصر.
الرؤية الثانية هي جملة من المقترحات قدمها الأستاذ قيس سعيد من أجل التعجيل بالعملية الانتقالية وتتمثل في منح رجال الأعمال المتهمين بتجاوزات بعفو جزائي مقابل تبني كل منهم شؤون التنمية بإحدى المعتمديات التونسية والتي يتم ترتيبها من الأفقر إلى الأقل فقرا و تصنيف المتهمين بالفساد من الأثرى إلى الأقل ثراء . ويفسح هذا المقترح المجال أمام المطلوبين للعدالة إلى الإنتقال من متهمين إلى فاعلين في الشأن الاقتصادي والإجتماعي وهو ما سيقطع مع سياسة الانتقام و التشفي .
وردا عما يتم تداوله على صفحات التواصل الإجتماعي «الفايس بوك» حول ترشيحه لرئاسة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نفى سعيد ذلك مؤكدا على أنها مجرد إشاعات , وقال لم أحاضر خارج مدارج الكليات خلال العهد البائد لأني حين أتكلم أريد أن أعبر بحرية و استقلالية و هو ما يفتقده المرء في السابق أما الثورة فقد جعلتني أكتشف مختلف مناطق البلاد التونسية التي و إن اختلفت في التنوع الجغرافي إلا أنها تتشابه في طيبة أهلها ونضجهم الفكري و الثقافي والسياسي.
وفي المقابل اعتبر قيس سعيد أن انتخابات 23 أكتوبر لم تشهد تزويرا للأصوات بل قامت بتزوير العقول لأنها اعتمدت على التصويت على القائمات وهو ما يخدم مصلحة الأحزاب السياسية وهو ما يتعارض مع مصلحة الشخصيات المحلية ومختلف الجهات . واقترح أن تكون الانتخابات القادمة على الدوائر المحلية لأنها ذات تمثيلية واسعة وتساهم في صعود شخصيات تعبر فعلا عن رغبة و إرادة الأهالي الحقيقية وتسمح بمعالجة واقع التنمية الجهوية بأكثر مصداقية وشفافية وذلك بتقسيم البلاد على 254 دائرة انتخابية ما يوافق عدد المعتمديات مما يخفف من ردود الفعل السلبية التي عادة ما تظهر مباشرة بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات .