الفوز بتنظيم الألعاب الأولمبية بعد الصين سيكون بمثابة المصيدة لأن المنظم «المسكين» سيقارن بنجاح بيكين. هذه هي الجملة الأبرز التي جاءت على لسان أغلب المتابعين والمحلّلين. هذا هو الشعور الذي كان ينتابني شخصيا عندما تمت دعوتي الى لندن وخاصة عندما كنت متجها إليها للوقوف على مدى استعدادات هذه المدينة لأهم وأكبر تظاهرة رياضية في العالم. كان هناك نوع من الخوف على لندن لأنها لن تنجو من المقارنة بعد نجاح بيكين الأسطوري، لكن الحقيقة أن زائر لندن يتبدد لديه هذا الشعور لأن عاصمة الضباب هربت من المصيدة المقارنة ولأنها بكل بساطة قرّرت أن تكون مختلفة وفي ذلك سرّ تميزها. فكرة الاختلاف ليست قرارا حديثا وإنما مستمد من عمق الروح الانقليزية أو على الأقل من عمق مدينة لندن التي ستحتضن الألعاب. هذه المدينة مختلفة عن كل مدن العالم هي المدينة الوحيدة التي تجوبها سيارات يقودها سواق يجلسون على اليمين وهي الوحيدة التي تجوبها حافلات يكاد عددها يفوق عدد السيارات وتتكون من طابقين وهي أكثر المدن حداثة لكنها مازالت متمسكة بأبسط عاداتها القديمة في نفس الوقت مثل مراسم تغيير الحراس الفريدة في قصر «باكنغهام» التي تنتظم كل يوم في حدود الحادية عشرة صباحا. هذه الرغبة في الاختلاف التي يتوارثها الانقليز كانت محدّدة في تحديد توجهات المشرفين على تنظيم الأولمبياد لأنهم قرّروا بكل بساطة أن يكونوا مختلفين عن كل سابقيهم وربما عن لاحقيهم اختاروا ببرودة الدم الانقليزية المعهودة شعار «succes is to be different»، «النجاح هو أن تكون مختلفا» وفي صمت انطلقت لندن في الاستعدادات وهي الآن في اللمسات الاخيرة أو على أهبة أن تطوي صفحة الاستعدادات. نقل الشاطئ إلى قلب المدينة يمكن القول ان اقدام المنظمين على احداث ملعب للكرة الطائرة الشاطئية في قلب المدينة كان الخطوة الأكثر إثارة للاعجاب بين الصحفيين الذين حلوا بلندن، اذ توصل المشرفون على أولمبياد هذا الصيف الى تشييد ملعب خاص بالكرة الشاطئية في قلب المدينة بل في المكان الأكثر جلبا لزائري هذه المدينة بحكم توفر عديد المعالم التاريخية. والحقيقة أن هذه «البدعة الانقليزية» ستحقق العديد من الأهداف في نفس الوقت تبقى أهمها على الاطلاق ضمان الحضور الجماهيري لمواكبة الأولمبياد لأن الفرصة لن تكون متاحة لأحباء هذه الرياضة فقط بل لكل المتجولين في شوارع لندن. الشعلة التحفة المشرفون على أولمبياد لندن لن يتركوا أي شيء للصدفة بل إن شعارهم «أما إتقان كل شيء وإما فلا»، وفي هذا المجال يمكن القول: إن شعلة «أولمبياد 2012» أصبحت بمثابة التحفة الفعلية بل أيضا فازت بجائزة أفضل تصميم للعام الحالي وتمتاز الشعلة الأولمبية التي صممها ادوارد ياربر وغاي أوزغيربي بالبساطة والخفة في نفس الوقت وتكمن أهميتها في أنها عكست روح العاصمة البريطانية وقد تمكن المصممان من تقديم الأفكار التقليدية في شكل حديث جدا وتزن هذه الشعلة 800 غرام وبها 8000 ثقب وهو نفس عدد الأشخاص الذين يحملونها عندما تصل لندن يوم 18 ماي القادم.