هناك جواب عام يجمع عليه الأهالي في القصرين، عندما تسألهم، هل تغيّرت أحوالكم بعدما سقيتم تلك الأرض دما، هو: القصرين مازالت تعاني الفقر والتهميش، منذ الاستعمار الى دولة بورقيبة ثم دولة الفساد المافيوزي في عهد بن علي الى دولة الثورة. ولاية القصرين، التي قدمت أكبر نسبة من الشهداء والجرجى من أجل الحرية والكرامة، قدمت أغلى أبنائها من أجل أن تتخلّص من الفقر والبطالة والتهميش وأن يعيش أبناؤها كعادتهم بكرامة وأنفة.
في حي الزهور، والكرمة وحي النور والسلام وحي النهضة كما عرفناه والدولاب والبساتين وحي الخضراء وحي العمال.. في تالة والعيون وفوسانة، في فريانة وتلابت في حيدرة، في سبيطلة وفي حاسي الفريد، في ماجل بلعباس..
سيدي بولعابة، وجبل سمامة وقمّة الشعانبي، في وادي الدرب ووادي الحطب، في الدغرة وعين القايد وأولاد عزيزة، في سيدي حرّاث وزلفان وقرعة العطش، في 2 مارس والمعهد الفني والشابي.. في كل التفاصيل، هناك قطرات دم لشاب يئنّ من أجل هذا الوطن.
مازال الوجع قائما وصراخ عم أحمد الجباري عندما انغرست فيه رصاصة العدوّ، يهزّ أرجاء المدينة، مازالت آثار القناصة فوق الصيدلية وغازهم في أبواب الحمام. هناك، حيث لا يبكي الرجال ولكنهم لا يصمتون طويلا..
هناك تغيّر تاريخ المغرب العربي بسقوط جرجير ودخول العبادلة السبعة.. في القصرين، يتساءل الأطفال والشباب والكهول، والشيوخ، نساء ورجالا، تتساءل القبور والأزقّة والريح الصرصر والشهيلي والفجر البارد.
لماذا نسينا الجميع؟ هل ذهبت دماء الأبناء من أجل الحضائر التي لا تغني من جوع؟ أين مشاريع التنمية؟ أين القضاء على البطالة؟ لماذا مازالت كل الطرقات مكسّرة؟ أين المنطقة الصناعية؟ أين تشغيل عائلات الشهداء والجرحى؟ أين مقاومة الفقر؟ لماذا يأكل غيرنا خيرنا؟ هل أريد لنا التهميش والتفقير؟ الجواب: القصرين عنوان الثورة وهي عنوانها الأبدي.