بسرعة امتدت كرة الثلج «الحارقة» من طرابلس إلى العاصمة اللبنانية بيروت حيث قتل شخصان وجرح نحو 20 في اشتباكات ليلية بين أنصار سعد الحريري وفريق تيار سياسي قريب من دمشق في مؤشر على شدة الاحتقان السياسي والأمني العاصف بلبنان.
وعاشت بيروت ليلة عصيبة حيث جدت اشتباكات ومواجهات مسلحة بين أنصار فريق الحريري وعناصر حزب التيار العربي في امتداد للقتال الدائر في سوريا. ولم تهدأ وتيرة القتال إلا عقب تدخل الجيش الذي أعاد الهدوء الى منطقة الطريق الجديدة غرب بيروت.
مواجهات ليلية
وأكدت الوكالة الوطنية اللبنانية للاعلام مقتل شخصين واصابة 18 آخرين بجروح في المواجهات التي اندلعت الليلة قبل الماضية واستمرت حتى الثالثة فجرا. وأسفرت الاشتباكات عن أضرار مادية جسيمة في المباني والمحال والسيارات، من بينها حرق مقر حزب التيار العربي برئاسة شاكر البرجاوي.
ودارت المواجهات على خلفية مقتل مناصرين لنائب في تيار المستقبل من بينهم الشيخ أحمد عبد الواحد برصاص جنود لبنانيين عند نقطة تفتيش للجيش في مدينة عكار شمالي لبنان.
وأقدم المتظاهرون المساندون للشيخ احمد عبد الواحد ولتيار المستقبل على «قطع الطرقات بالإطارات المشتعلة والعوائق والأتربة في كافة المناطق والمدن اللبنانية احتجاجا على مقتل الشيخ أحمد عبد الواحد».
ويخشى المراقبون من إمكانية تحول بؤرة الصراع والمواجهة العسكرية إلى مناطق أخرى من لبنان معبرين عن خوفهم من إمكانية اشتعال حرب أهلية جديدة. حيث حذر المحلل السياسي اللبناني «سركيس أبو زيد» من انتقال الاضطرابات إلى أماكن أخرى في لبنان بسبب حملة التحريض الكبيرة على الجيش وقيادته. ودعا أبو زيد كافة الأطراف إلى العودة الى طاولة المفاوضات وتجاوز الانقسام السياسي الحاد، وإلا فإن لبنان سوف يدخل في حرب أهلية، وشدد على ضرورة المحافظة على وحدة المؤسسة العسكرية.
التحريض على الجيش
ونبه متابعون للشأن اللبناني من مغبة التحريض السياسي القائم ضد الجيش مشيرين إلى أن انقسام الأخير وفق الطوائف والملل والتيارات السياسية سيعيد سيناريو الحرب الأهلية في لبنان والتي ما يزال لبنان يعيش على وقع عذاباتها وآلامها إلى يوم الناس هذا.
واشاروا إلى أن دعوة النائب على بلدة عكار معين المرعبي إلى إقالة أو استقالة جان قهوجي من قيادة الجيش اللبناني تخفي في طياتها اتهاما مبطنا خطيرا للجيش بالتورط في القضايا الداخلية وبمحاباة طرف على آخر.
واضافوا أن الحل في لبنان لا يكون إلا من خلال الحوار السياسي والاحتكام إلى لغة العقل مؤكدين أن تسوية الأوضاع في سوريا ستؤثر بالإيجاب على الوضع في لبنان. بدورها , دعت الكويت على لسان مسؤول في وزارة الخارجية الكويتية رعاياها الراغبين في السفر إلى لبنان إلى عدم السفر إليه.
ووفقا لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) فقد أرجع المسؤول هذا إلى الظروف الراهنة نتيجة تطورات الأوضاع الأمنية المتوترة التي تشهدها الساحة اللبنانية. كما دعا المصدر المواطنين الكويتيين المتواجدين حاليا في لبنان إلى مغادرته حفاظا على سلامتهم.
وبذلك تكون الكويت رابع دولة تصدر تحذيرا لرعاياها من التواجد في لبنان بعد الإمارات وقطر والبحرين، وذلك على خلفية الاشتباكات التي شهدتها العاصمة بيروت ومدينة طرابلس بالشمال مؤخرا بين موالين للنظام السوري ومناهضين له.
الناتو يبتعد عن الشام
وفي ما يخص الملف السوري , عبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي اندرس فوغ راسموسن أمس عن قلقه من العنف في سوريا لكنه أكد أن الحلف «لا ينوي» القيام باي عمل عسكري ضد دمشق.
وقال راسموسن في مؤتمر صحافي خلال قمة الحلف الأطلسي في شيكاغو «ندين بشدة سلوك قوات الأمن السورية وقمعها السكان وندعو القيادة السورية إلى تلبية التطلعات المشروعة للشعب السوري». وأضاف «لكن الحلف الأطلسي ليست لديه نية للتدخل في سوريا».
وفي سياق متصل , أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف ارتياح موسكو لمضمون بنود البيان الختامي لقمة الثماني الكبار التى تتحدث عن سوريا. وقال ريابكوف في تصريح صحفي نقلته وسائل الاعلام الروسية : «إذا كان مضمون البيان غير مقبول بالنسبة لنا، فلم نتبناه.. فمن منطلق العمل الدبلوماسي يصبح نص أي بيان وافقت عليه أية دولة جزء من موقفها الرسمي. ولكن الأمر هنا ليس في شكل المسألة، لكنه في مضمونها. إن أساس البند (حول سوريا) هو التأكيد على الدعم التام لخطة عنان والدعوة إلى الأطراف المعنية للتمسك بها والامتناع عن العنف».