تحت إشراف دار الثقافة وجمعية أحباء المكتبة والكتاب واللجنة الثقافية بشنني، انتظم ملتقى «أريج الشعر» في دورته التاسعة تحت شعار «عش شاعرا» بمنتزه «أمين» وامتزجت الكلمة بالموسيقى وحضرت اللغة العربية بعديد اللهجات، كاللهجة المصرية والعراقية. في اليوم الأول، وبعد الافتتاح، تنوعت المداخلات الشعرية الشابة في إطار مسابقة هي ركن من أركان الملتقى. ثم تم التناوب على المصدح من طرف الشاعر محمد الهاني والشاعر صلاح داود والشاعر الشاب أيمن دغسني و الشاعر سفيان مسيليني. أما ليلا وعلى الساعة الثامنة كلّل اليوم الأول من هذا الملتقى بمسامرة شعرية جمعت الشعراء الضيوف الذين التحق بهم كل من الشاعر أحمد شاكر بن ضية والشاعر محمد أمين بن علي وشعراء الجهة على غرار الشاعر والروائي هشام عبدالكريم والشاعر ياسر سمير. وقد امتزج الحرف بالموسيقى على أنغام الشيخ إمام ورفيق دربه أحمد فؤاد نجم وأنغام أم كلثوم .وقد أمن هذه المداخلات الغنائية الشعراء المشاركون بمصاحبة الفنان العصامي توفيق الصغير على العود.
اللقاء ذكرنا بالمساجلات الشعرية الغابرة. مساجلات حضرت فيها اللغة العربية بكثير من اللهجات منها المصرية والتونسية والعراقية.
وهو ما يعطي للشعر البعد الإنساني والكوني. فبعد حضور الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم في نقرات العود حضر صدام حسين في تصدير الشاعر محمد أمين بن علي لقصيدته «القصص» ورد عليه الشاعر هشام عبد الكريم ب«مغوري» و«عبد العال» و«سنية» باللهجة المصرية مناجيا أحمد فؤاد بقصيدته « يا نجم». السهرة لم تخل من المتعة والذوق السليم حيث شنف الشاعر محمد علي الهاني مسامع الشعراء والمواكبين للفعاليات على طول يومي الملتقى بقصيدته «الفراشات» .وأجزم فأقول إنها كانت قصيدة الملتقى. «لا تصالح» هو نص الشاعر الثائر والمتمرد أحمد شاكر بن ضية، أعاد به أذهان الجميع إلى الواقع العربي الراهن المتلبس بالثورات وكأني به يعلن الشعر راية تتصدر بقية الرايات في محاربة بقايا دكتاتوريات الوطن الممتد من الماء إلى الماء. فهو من دعانا إلى أن لا نصالح من لا يصالحنا وأن نهجوه شعرا لأن للكلمة حد السيف كما كانت وكما لا تزال.
مسامرة اليوم الأول كانت رحيلا جميلا وشح صدور كل من تكلم وعزف شعرا وأنصت شعرا. اليوم الثاني من الملتقى انطلق على الساعة التاسعة والنصف صباحا بورشة «أشعار وترانيم». وهي ورشة تدريبية على نظم الشعر العمودي حتى يتمكن شعراء المستقبل من آليات كتابة الشعر العمودي الذي منه تنطلق الرحلة نحو الشعر الحر وهو شعر التفعيلة وشعر النثر الذي لا يلتزم بالتفعيلة وهي كلها أنواع من الشعر تتفق في كون الشعر هو صورة وإحساس وإيقاع.ومساء عاد المصدح ليدور بين الشعراء المشاركين فنشد الشاعر صلاح داود قصيده «حمم الصمت» وهو رسالة إلى المتنبي مع بعض القصائد الأخرى و أمتع الشاعر أحمد شاكر بن ضية الحضور بنصوصه الشعرية على غرار «الرقعة» ونصه « نناشدكم» كما كان للشاعر محمد علي الهاني عربدة أخرى بنصوص قصيرة لكنها عميقة المعنى والصور. وقد أدار هذا اللقاء المسائي الشاعر الآتي على مهل سفيان مسيليني إدارة شعرية أضفت على روح الكلمات طابع الجمال والبهاء محركا المايكروفون بين هذا وذاك بمقاطع من قصيدته « عوي ذئاب»إلى أن أتى دور الشاعر محمد أمين بن علي هذا الشاب الشاعر المناضل الذي قدم نصين جميلين وهما «الجوكير» و « القصص».
وقد تخللت هذه المداخلات الشعرية مراوحات موسيقية أمنها الفنان الجميل توفيق الصغير. خُتم ملتقى أريج الشعر بتكريم الشعراء الضيوف بشهادات مشاركة تشهد أنهم مروا ذات يوم بشنني وقالوا أجمل أشعارهم. كما تم تكريم الشعراء الشبان الذين فازوا بالمراتب الثلاث الأولى في المسابقة المدرجة في هذا الملتقى.وقد فازت الشاعرة إيمان بليوة بالجائزة الأولى والشاعرة بسمة المسعي بالجائزة الثانية والشاعر ناظم ابراهيم بالجائزة الثالثة.