رغم الثروات التي تزخر بها، مازالت جهة غار الدماء تعيش معاناة بسبب غياب التنمية مما انعكس سلبا على الواقع الاجتماعي والاقتصادي للجهة التي تبقى تعيش على أمل تدخلات تخلصها من التهميش والإقصاء. سكان المنطقة يطالبون بمنوال تنمية جديد وعادل يخلصهم من سنوات الحرمان ويؤسس لمستقبل أفضل. النقائص بالجهة شملت عدة ميادين فالبنية التحتية متواضعة : طرقات متهرئة, مؤسسات وإدارات قديمة البنايات التي توارث السكان البعض منها عن المستعمر. ويضاف إلى ذلك تفشي الفقر والحرمان الذي طال حسب آخر الاحصائيات أكثر من خمسة آلاف عائلة مازالت تحت خط الفقر في ظل غياب التغطية الاجتماعية والصحية بالإضافة الى ارتفاع نسبة البطالة لأصحاب الشهائد العليا ويمكن أن نلمس مظاهر الفقر والحرمان بوضوح بالمناطق الريفية النائية وهي كثيرة بالجهة تغيب عنها أبسط المرافق الحياتية من نور كهربائي وماء صالح للشراب.
ما زاد في تردي الأوضاع الاجتماعية بجهة غار الدماء هو عدم الاستمرارية والحفاظ على المشاريع السابقة وهي ثلاثة مشاريع بالأساس الأول منجم فج حسين الذي كان يشغل ما يفوق خمسمائة عائلة وأغلق منذ سبعينات القرن الماضي والثاني معمل الفولاذ المشترك التونسي الجزائري الذي كان يشغل قرابة ثلاثمائة عامل وأغلق هو الآخر والثالث منجم مينة المعدن غلق هذه المنشآت الثلاث سبب انتشار البطالة هذا إضافة لغلق خط السكة الحديدية الحدودي الرابط مع القطر الجزائري والذي كان ينشط الدورة الاقتصادية بالجهة بشكل كبير.
الوضع الذي تعيشه الجهة انعكس سلبا على أبناء الجهة ونمى ظاهرتي النزوح والهجرة بحثا عن مواطن الشغل فالجهة تسجل بمعدل ثلاثمائة مهاجر بطريقة غير شرعية في السنة منهم من أسعفهم الحظ وتمكنوا من تسوية وضعياتهم ومنهم من تم ترحيله وعاد صفر اليدين فزادت مأساته.
أبناء الجهة أكدوا ل«الشروق» أن التشجيع على استقرار أبناء الجهة يبدأ بالتفكير في إعادة تشغيل وفتح المناجم والمعمل المغلق والتفكير في مشاريع جديدة وفي مقدمتها سوق للتبادل الحر خاصة والمنطقة حدودية و إمكانية نجاح هذا المشروع مضمونة بنسبة عالية لخصوصيات الجهة ودراية أبنائها بالتجارة وأصولها كما يبقى التفكير في استغلال الموارد الطبيعية حلا رائدا يوفر مواطن شغل تتحرك معه الدورة الاقتصادية بأكملها ومن المشاريع الطبيعية مثلا مشروع الزيوت الطبيعية والبيولوجية خاصة وقد أثبتت التجربة في هذا المجال والتي تتبناها الجمعية المحلية لحماية الطبيعة بغار الدواء جدواها من خلال تقطير بعض الزيوت الطبيعية واستخراج الصابون الطبيعي والتي وجدت رواجا حتى على المستوى العالمي رغم محدودية الإنتاج فلم لا يتم توسيع المشروع والتشجيع على الانتصاب في هذا المجال الرائد؟