الذين ابتدعوه، لا يعتمدونه مصدرا للمعلومة ولا يرون فيه وسيلة من وسائل الاعلام ولا يعتقدون في أن مستعمليه هم صحفيون.. هو ال «فايس بوك» شبكة التواصل الاجتماعي، الذي نجده في تونس كما في كامل الوطن العربي يهزّ المشهد السياسي والاجتماعي ولا يُقعده.. الغرب المصنّع، والذي يتلحّف بحضارة منتجة للعلوم، لا يعتبر ان شبكة التواصل الاجتماعي هي وسيلة إعلام تستجيب الى نواميس وأخلاقيات المهنة الصحفية لكن عندنا نحن الذين لا نساهم في الحضارة الانسانية ولا في حركة التقدّم العلمي إلا من باب الاستهلاك، يعمد العديدون الى ذرّ الرماد في العيون، بأن يروّجوا أطروحات خاطئة، يدّعون فيها ان الغرب المتقدّم مكتشف التكنولوجيات الحديثة، يتعامل أهله مع مواقع التواصل الاجتماعي على أساس أنها مصادر للمعلومات وعلى أساس انها وسائل اعلامية...
أبدا، فهذا طرح مضلل، هؤلاء الغربيون، الذين يسهمون في الحضارة الانسانية بنسب عالية ولافتة، يعتبرون ان «فايس بوك» هو وسيلة تواصل شخصية، ذات بعد اجتماعي..
هذا الغرب، لم يقض على صحافته، ولم يغيّر أسماء صحفييه بأسماء أخرى اسمها «المواطن الصحفي»... مثلا. «الفايس بوك» عندنا، قضى على المعلومة، وهو يضربها في مقتل صباح مساء.
اللافت في كل هذا ان ساستنا في أعلى هرم السلطة تجدهم أول من يتعامل مع «أخبار» التواصل الاجتماعي، على أساس انها وسائل اعلام. بل إن ساستنا وفي موضوع ال «فايس بوك» يأتون الشيء وضدّه.
فهم يحبسون المعلومة عن الصحفيين ويغلقون مصادر الخبر، ثم يأخذون بما تجود به خواطر «ناس الفايس بوك». إنه لأمر محيّر هذا الذي يحدث عندنا في البلاد العربية..
إن الذين روّجوا وأسسوا لشبكة التواصل الاجتماعي لم يقضوا على كبريات الصحف، ولم يدفنوا الشبكات التلفزيونية الاخبارية ولم يعوّضوا الجرائد الالكترونية ب «الفايس بوك».
«الفايس بوك» عندنا لا يقتل المعلومة فحسب، بل في مثل هذا الظرف الذي يختلط فيه الحابل بالنابل، يحدث ان يقتل البشر ويصيب بالغُبن من لا ذنب عليه... فيتّهم من لم يقترف جرما ويبرّئ من هو حسب القانون في عداد المجرمين يقبع...