ما الدور الذي يلعبه الاعلام التونسي منذ ثورة 14 جانفي؟ وكيف يمكن أن يساهم في مسار الاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الشاملة التي طالب بها الشعب؟ كل هذه الأسئلة وأسئلة أخرى حاولت ندوة منتدى «ابن رشد» ومنتدى «نور» الاجابة عنها أمس. وقد تنوعت المداخلات فيها بين مختصين ووسائل الاتصال واتصاليين وخبراء وإعلاميين. ولدى افتتاحه لأشغال الندوة طرح الأستاذ كمال بن يونس رئيس منتدى ابن رشد المغاربي للدراسات العديد من الأسئلة تراوحت بين حاضر الاعلام التونسي وماضيه ومستقبله. هل انحاز الاعلام للشعب؟ وقال إن السؤال الذي يطرح نفسه الآن، هو هل أن الاعلام التونسي انحاز فعلا للشباب والشعب بمختلف قواه الحية التي صنعت يوم 14 جانفي بعد عقود من النضالات من أجل دولة تقطع مع الاستبداد والقمع والرشوة والفساد. أم لا يزال يروج مادة صحفية تخدم عن قصد وعن غير قصد محاولات القوى التي تسعى الى اجهاض الثورة مبكرا والالتفاف عليها عبر احتواء شعاراتها المركزية حينا وتهميشها حينا آخر؟ وذكر بن يونس بدروس الماضي ومن بينها التجارب السلبية التي وظفت فيها وسائل الاعلام لاجهاض تجارب الانفتاح الاعلامي والسياسي الواعدة آنذاك، وخص بالذكر تجارب: 1957 1959 و1980 1981 و1988 1989، موضحا أن بعض لوبيات «المصالح والايديولوجيات» أجهضت التعدّدية الاعلامية ودفعت الأوضاع نحو تزييف الانتخابات التشريعية للانقلاب على المسار الديمقراطي. ومن جانبه أكد ممثل الجمعية الوطنية للصحفيين الشبان أن الاعلام هو منظومة متكاملة وأهم عنصر فيها هو الصحفي الذي يتحمل مسؤولية نقل المعلومة حتى تصل الى المتلقي، وهنا اعتبر أن الاعلام لن يكون فاعلا في الانتقال الديمقراطي إلا إذا ما توفرت الشروط اللازمة لذلك وأهمها استقلالية الصحفي السياسية والاجتماعية والمادية والتي تضمن بدورها توفر شروط الحياد والموضوعية. ونوّه بأن أغلب الصحفيين يواجهون منذ بداية الثورة نوعا من الاحراج حيث في الوقت الذي كان هو ملزما فيه بتغطية معينة للأحداث كشفت شبكة التواصل الاجتماعي «الفايس بوك» زيف ما كان يروّج عن حرية الاعلام. كما حذّر من وجود احتمالات كبيرة للعودة الى فترة القمع. أول ثورة رقميّة وفي اتجاه آخر اعتبر الباحث الأستاذ العربي عزوز أن ما حدث في تونس يعتبر أول ثورة رقميّة في القرن 21، حيث أنها اعتمدت بشكل كبير على ال«فايس بوك» خاصة والذي يضم حوالي مليونين وأربع مائة مشترك تونسي وهو ما يسر تبادل المعلومات والمواقف بين مختلف الجهات. وأشار الأستاذ عزوز الى أن استخدام «الفايس بوك» في تونس مر بمرحلتين الأولى كانت المرحلة الايجابية والتي اتحد فيها المستخدمون ضدّ الدكتاتور. أما في المرحلة الثانية وهي التي بدأت بعد 14 جانفي ظهر انقسام بين مستخدمي شبكة «الفايس بوك» حسب القناعات الفكرية وتحولت الحرب الى مواجهة داخلية بين هذه الأطراف. وأكد الباحث بمركز دراسات الجزيرة الأستاذ رفيق عبد السلام أن الاعلام يجب أن يلعب دور الرقيب في المرحلة المقبلة مشيرا الى أن الترابط بين الاعلام الفضائي والفضاء الافتراضي زمن الثورة ساهم في ترويج أكبر للأحداث والتحركات الشعبية.