مدينة كركر القديمة قدم الزمان، الشاهد على عراقتها اثار الرومان المتوسطة المكان بين الجنوب والشمال أرضها أرض الفلاحة والكسب الطيب الحلال كشقيقاتها من مدن الجمهورية ضحى رجالها بالغالي والنفيس من أجل الاستقلال أيام الحركة التحريرية دون جزاء ولا شكور إلا من رب رحيم ديدنهم رفع الراية التونسية عالية خفاقة في المحافل الدولية. لم تشهد هذه المدينة تطورا عمرانيا ولا صناعيا ولا اجتماعيا ولا إداريا بالقدر الذي شهدته مثيلاتها بل سرق منها حلمها الجماهيري «المعتمدية» لتهدى لجارتها والعهدة على من روى ودفعت هي الثمن غاليا بسقوط أحد أبنائها شهيدا يوم التنصيب.
في عهد الرئيس الأول الراحل الحبيب بورقيبة رحمه الله وبعد أن جاد عليها نظامه ببعض البيوت الشعبية وبطلب وإلحاح جماهيري عريض بعثت بلدية المكان مع عدد كبير من البلديات الأخرى سنة 1985.
وبطلب لا يقل جماهيريا عن الأول وأمام وضع قاتم السواد وصورة بائسة عن وضع التعليم والمتعلمين رفعته شخصيا لوزير الدولة انذاك محمد الصياح صيف 1987 بادر على إثره ببعث المدرسة الإعدادية.
وجاء عهد المخلوع وزج بالعديد من شبابها وكوادرها في السجن وأصبح بعضهم من الزيارة ممنوعا، فساد الفقر وعم الجوع وحرمت من أبسط قواعد التنمية بوصفها بؤرة «الخوانجية» كما سماها النظام البائد الفاسد. وانتزعت الأحلام وسقطت الأقلام وكممت الأفواه فلا مشاريع ولا تشغيل ولا تسميات ولا ترقيات.
كم هي نواقص البلاد كثيرة وكبيرة لا يمكن حصرها في جملة خواطر ضاق بها الصدر وإن اختزلها الفكر وفاض بها كأس الحب لمهد الولادة والأحلام لرقعة من بلد عظيم أرضا وشعبا.
وتأتي الثورة المجيدة وينفض كل غباره داعيا الله النصر والتوفق لمجد يبعث في ثوب أنيق حيث انبرى شبان بلدي رافضين الخنوع والركوع آملين لفتة كريمة لبلدة كريمة منادين هل يعاد الحق المهضوم وترفع عن مدينة كركر الظلوم والتخوم ويعاد ما سلب منها من حق الحوافز الجبائية للمشاريع الإنمائية (صناعة وفلاحة وتجارة). وعلى أمل أن تستعيد هذه المدينة ما اغتصب من حقها في الشغل والعدالة الاجتماعية والتنموية وأن تنتعش ميزانية البلدية وتركز المعتمدية وتنعم بالكرامة والحرية وتنسى التهميش والإقصاء ويعمها الخير والرخاء.