الحماس والجدية التي لمسناها لدى جل المشاركين في أشغال الملتقى الوطني لكرة اليد في نهاية الاسبوع الماضي تجعل مسؤولية الجامعة مضاعفة للسعي الى تحقيق الطموحات المشروعة التي عبّر عنها ممثلو الأندية والرابطات الجهوية من خلال تقارير اللجان العشر التي وقع تقديمها في اختتام الأشغال والتي اتسمت بالدسامة والتنوّع وأحيانا بالتضارب في الأفكار. الحقيقة ان الوقت لم يكن كافيا لصياغة وتبويب كل المقترحات التي جاءت على لسان المشاركين في الورشات حيث احتدّ النقاش في بعض المسائل مما صعّب مهمّة المقررين وأضفى الى الخروج لا بتقرير نهائي للملتقى وإنما بمسودّة تستدعي التمحيص من أجل اعداد وثيقة مرجعية تستند لوضع خارطة طريق ترسم الخطوات الموالية لتثبيت المسار نحو العالمية.
مراجعة الصياغة
وهو ما يستوجب تكوين لجنة صياغة تتألف من عنصرين او ثلاثة على أقصى تقدير من كل ورشة عمل تعهد اليهم مهمة مراجعة التقارير ومن أجل صياغتها النهائية وعرضها على المكتب الجامعي المطالب بالاستئناس بها لإعداد مشروع النظام الأساسي الجديد للجامعة وقانونها الداخلي الذي من المنتظر ان يشهد اصلاحات جذرية على ضوء ما أجمع عليه المشاركون في الملتقى من ضرورة بعث هياكل جديدة تدعم عمل الجامعة وتضفي عليها النجاعة المرجوة في خضمّ التغيّرات التي يشهدها الشأن الرياضي في العالم خاصة والجميع متفقون على السعي من أجل جعل جامعة كرة اليد جامعة نموذجية من حيث الهيكلة والتسيير.
من أجل إدارة عصرية
والأكيد أن الآفاق الشاسعة المفتوحة أمام كرة اليد التونسية سواء كان ذلك على مستوى تأكيد زعامتها الافريقية او في اتجاه الظفر بمكانة في أعلى درجات السلم العالمي تستدعي ضرورة الارتكاز على هيكل إداري قوي يكرّس الاحتراف والتخصص في جميع مجالات التسيير والتصرف... فلا مجال اليوم أن تتواصل هيمنة المكتب الجامعي على التسيير اليومي للجامعة سواء كان ذلك في جانبه الإداري او في ما يخص الأمور الفنية حيث لا سبيل أن تكون الإدارة أداة تلاعب في أيدي الأعضاء الجامعيين يحتكمون اليها لفرض ميولاتهم وتحقيق أغراضهم الشخصية كما ان الإدارة الفنية مدعوة بأن تضطلع كليا بدورها وبمسؤولياتها في وضع المخططات والبرامج المتعلقة بالنهوض المستمر بهذه الرياضة وتطويرها والعمل على تحسين أداء النخبة الى جانب تكوين الإطارات الفنية والتحكيمية فالمطلوب إذن أن تضع الإدارة الفنية تصوّرا واضحا لمستقبل كرة اليد خلال العشر سنوات المقبلة على الأقل قوامه بلوغ سقف العشرين ألف مجاز على أقل تقدير والتنويع في أصناف الاجازات خاصة بعث اجازة «البايبي هاند» Baby Hand التي تمنح الى المبتدئين قبل سن العاشرة في إطار ترغيب الأطفال على الإقبال على ممارسة كرة اليد وأيضا بإحداث اجازة «الماستر هاند» Master Hand المخصصة لقدماء اللاعبين في نطاق تنظيم وترشيد نشاط وداديتهم.. وعلى العموم فإن مستقبل كرة اليد يتطلب نظرة حداثية من قبل الإدارة الفنية تكرّس الموهبة الطبيعية للتونسيين والتونسيات في جميع أنحاء البلاد من خلال وضع سياسة تنموية لهذه الرياضة في جميع الجهات بل في جميع الأحياء.
وتدعيم صلاحياتها وامكانياتها البشرية والمادية خاصة أن الجامعة ستشهد على ضوء توصيات الملتقى إحداث هياكل جديدة على غاية من الأهمية كالإدارة الفنية للتحكيم والرابطة الوطنية لكرة اليد النسائية وخلية الاتصال والتسويق ... الغاية من ذلك ان تصبح الجامعة بمثابة المؤسسة تعتمد على استقطاب وتوظيف الكفاءات وأهل الاختصاص من أجل تحقيق المردودية المرجوّة. لا للتسرّع بقي أن نؤكد على ضوء ما لاحظناه طيلة أشغال الملتقى على أن حجم الجهد المطلوب ليس بالهيّن وأن المهمة جسيمة فعلا وتتطلب تضحيات من قبل المكتب الجامعي والأندية والفنيين وكل ذوي العلاقة بكرة اليد اذ لا يجب ان ننسى أن مثل هذا الملتقى كان قد التأم سنة 2005 لكنه لم يرتق الى مستوى الخطة العملية فبقيت توصياته حبرا على ورق... وهو ما يجرّنا الى المطالبة بتفادي نفس الاخطاء وخاصة منها عدم وضع آليات التطبيق والتي تتمثل أساسا في تركيز هياكل قارة للتفعيل.
لذلك لا ينبغي التسرّع في صياغة التصوّرات وخطة العمل بل يتعيّن أخذ الوقت الكافي قبل تعيين موعد الجلسة العامة الخارقة للعادة لتحيين القوانين الاساسية والتسييرية التي بدونها سوف لن يرى مشروع الإصلاح النور.