أعلن كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية المكلف بالشؤون المغاربية والعربية والإفريقية عبد الله التريكي أمس الأول أن مواطني القطر المغاربي سيكون لهم بداية من يوم غد الأحد غرة جويلية حق العبور الى التراب التونسي بمجرد الاستظهار ببطاقة الهوية. إضافة إلى حقوق «التنقل» و«الشغل» و«التملك» و«الاستثمار» وهو ما طرح عديد الأسئلة ومنها أية آثار لهذا الاجراء على سوق الشغل والأمن التونسيين خاصة وأن بلادنا لم تتجاوز بعد فترة الانتقال الحرجة؟
وفي هذا الاطار توجهت «الشروق» الى عدد من المختصين والسياسيين في محاولة للاجابة عن تلك الأسئلة وعن مدى أهمية هذا القرار في تفعيل البناء المغاربي والأثار الايجابية أو السلبية المنتظرة منه.
كاتب الدولة المكلف بالشؤون المغاربيّة والعربية والإفريقة : الاتفاقيات قديمة وستنفذ بداية من شهر جويلية
صرح كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية المكلف بالشؤون المغاربية والعربية والإفريقية عبد الله التريكي أمس انه «لا وجود لتأشيرة عبور بين البلدان المغاربية من الأساس حتى تؤاخذ تونس على إلغائها.»
وأوضح عبد الله التريكي، في حوار مع «وكالة تونس افريقيا للأنباء»، أن مواطني القطر المغاربي سيكون لهم بداية من جويلية القادم حق العبور بمجرد الاستظهار ببطاقة الهوية عوضا عن جواز السفر إضافة إلى حقوق «التنقل» و«الشغل» و«التملك» و«الاستثمار» بمقتضى اتفاقيات ثنائية مبرمة في الغرض منذ الستينات وارتأت الحكومة الحالية تفعيلها.
وأكد أن تفعيل هذه الاتفاقيات يهم المملكة المغربية والجزائر وموريتانيا ويستثني ليبيا قائلا إن «تونس لم تتخذ خطوات مع الشقيقة ليبيا في هذا الاتجاه إلى حين استقرار الأوضاع بها».
وأوضح عبد الله التريكي ردا على ما أثارته تصريحاته الأخيرة بصفاقس بشأن إلغاء التأشيرة للمواطنين المغاربة أن فهم المسألة كان ب«شكل مغلوط» مشيرا إلى أن الاتفاقيات الثنائية في الغرض «ليست بجديدة»، وعلى هذا الأساس فإن الحكومة تقوم الآن بتفعيل وتنفيذ ما وقع الاتفاق عليه منذ أكثر من نصف قرن. وتابع قائلا إن «الحكومة متلزمة بتنفيذ جميع اتفاقيات تونس تأكيدا لاحترام استمرارية الدولة وعلوية القانون.»
وأكد أن «التزام المملكة المغربية باتفاقيات الحريات الأربع المذكورة ومنذ توقيعها سنة 1964، جعل تونس تواجه اليوم إشكالا مع الجالية المغربية التي أصبحت تطالب بحق المعاملة بالمثل» على حد قوله.
وتحدث كاتب الدولة عن وجود ما يقارب 20 ألف مطلب في الغرض مطروح على وزارة الخارجية لمغاربة يعيشون في تونس منذ سنوات ولا يتمتعون بأي حق من الحقوق الأربعة المنصوص عليها في الاتفاقيات الثنائية.
وأشار في المقابل إلى أن الجالية التونسية بالمغرب تتمتع بامتياز إضافي يتمثل في «حرية امتلاك الأراضي الزراعية»، قائلا إنها «ميزة لم تمنح لغير التونسيين». وردا على سؤال حول تخوف التونسيين من منافسة مواطني الدول المغاربية لهم في الشغل، قال عبد الله التريكي إنه «تخوف غير مبرر لسبب بسيط، وهو أن الأجر الأدنى في المغرب والجزائر يعادل أضعاف الأجر الأدنى في تونس، كما أن اليد العاملة المختصة المغربية والجزائرية كالمهندسين والأطباء وغيرهم تتقاضى أجورا أضعاف ما يتقاضاه أمثالهم في تونس».
وفي ما يتعلق بالجانب الأمني أكد أن العبور إلى تونس عن طريق الاستظهار ببطاقة الهوية لا يعنى عدم «متابعة الوافدين» و«التثبت من هوياتهم» وذلك في إطار الجهود التنسيقية مع بلدان الإيفاد.
وقال كاتب الدولة إن «دراسات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والمؤسسات الدولية تبين أن تونس وبسبب عدم تفعيل إتحاد المغرب العربي تخسر نقطتين في الترتيب الاقتصادي سنويا أي ما يعادل 40 ألف موطن شغل سنويا».
وبين أن الفضاء المغاربي الذي يحوي 100 مليون ساكن، ويتوفر على كل الموارد الطبيعية الممكنة للرقي الاقتصادي والاجتماعي «ليس من خيار أمامه سوى الوحدة والاندماج وفتح الحدود» على حد تعبيره.
وذكر بمبادرة رئيس الجمهورية المؤقت محمد المنصف المرزوقي باقتراح ما عبر عنه ب«الحرية الخامسة»، وهي حق الانتخاب للمغاربة المقيمين في تونس، على أن يدرس هذا الاقتراح في المجلس التأسيسي وقد يقع التنصيص عليه في حالة الموافقة في الدستور الجديد.
وكشف عبد الله التريكي عن التوجه نحو الإعلان، في القمة المغاربية التي ستعقد بتونس في أكتوبر المقبل عن «قرارات جريئة» من أجل التسريع في تفعيل الاتحاد المغاربي، بما يخدم كل دول الفضاء المغاربي.
حمادي الرديسي «محلل سياسي» : القرار يهدد وحدة البلاد وأمنها
هم يضعون وحدة البلاد والدولة في خطر وقد تذهب الى تفكك هذا الكيان، تصوروا كل بلد يراقب حدوده وحتى الدول الأوروبية التي اتحدت لم تقم بهذا الاجراء، هذه قرارات غير مسؤولة أو أنه هناك لا قدر الله مخطط لصوملة تونس.
هذا غير معقول وهي قرارات أحادية لمسح كل الاجراءات السيادية وفتح الحدود يحصل في اطار مفاوضات مدروسة حتى انه في أوروبا اليوم يريدون العودة الى الدولة الوطنية ونحن ننفيها بقرار أحادي حتى دون استشارة البلدان المعنية مثل مصر وموريتانيا والمغرب وغيرها. لماذا لم يعلنوا هذا القرار ان لم يكن هناك مخطط خارجي؟ وأين القوانين السيادية؟ فهناك أناس لا يملكون الحق في جواز سفر في بلدانهم ونحن نتركهم يدخلون ببطاقة الهوية وهل لدينا الامكانات للتدقيق مثلا في البطاقات الموريتانية؟.
عامر العريض «حركة النهضة» : ليس هناك قرار وإنما مقترح
قال رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة الأستاذ عامر العريض عن المسألة «هو ليس قرارا بل هو مقترح من اللجان المشتركة والهدف منه فيما يبدو هو ان يصبح المغرب العربي فضاء مفتوح أمام كل سكانه وهو مطلب الشعوب ويشترط المعاملة بالمثل فعندما يكون من حق المغربي القدوم دون تأشيرة وان يشتغل ويقيم دون حواجز يكون من حق التونسي أيضا ان يعامل بالمثل في المغرب وهو ما يجعله مقترحا لمزيد تقريب الشعوب».
وحول سبب اتخاذ القرار بصفة فردية حسب ما أكده الأستاذ عبد الله التريكي كاتب الدولة وعدم الرجوع الى المجلس الوطني التأسيسي لاستشارته قال «ما أعرفه عن الموضوع هو انها مقترحات مقدمة للتفعيل وهي حزمة من الاتفاقات بين دول المغرب العربي وبالضرورة ستكون هناك معاملة بالمثل وهذا محل اتفاق ، هو ليس قرارا حيث انه مازال في مستوى الاقتراح واذا ما ارتقى الى مستوى الاتفاقية سيعرض على المجلس الوطني التأسيسي».
عبد الرزاق الهمامي «حزب العمل الوطني الديمقراطي» : قرار ايجابي يتطلب اليقظة الأمنية
نحن مع رفع التأشيرة على كل مواطني المغرب العربي واعتبر ان ذلك امر في منتهى الحيوية والإيجابية لكن مصالحنا المسؤولة عن امن البلاد والحدود يجب ان ترفع من كفاءتها ولا يجب ان يكون هناك تعارض بين هاته المسألة وامن البلاد.
لا يمكن ان يكون هناك من هو ضد لكن يجب ان نرفع الحيطة الأمنية لمنع تسرب العناصر التي يمكن ان تضر بأمن البلاد. ان قرار حرية تنقل الأشخاص والبضائع لا يمكن ان يكون الا قرارا ايجابيا فمسألة الانغلاق والحمائيّة المغلوطة ليست مفيدة في وضعنا الحالي، السوق التونسية يجب ان ينظر لها بطريقة أوسع فهي مكون جزئي في البناء المغاربي أو السوق المغاربي.
وأضاف «ما فهمته من تصريح كاتب الدولة ان تونس راغبة في تخفيف التراتيب والاجراءات لكن ما أعرفه هو انه مقترح وتونس حريصة على الذهاب نحو تخفيف العوائق والاجراءات والباقي من اختصاص الحكومة والسلطات التنفيذية واذا رأت انه لابد من تفعيل هذا القرار ستعرضه على المجلس الوطني التأسيسي».
محمد الكيلاني «الحزب الاشتراكي اليساري» : التاريخ لا يصنع بالقرارات الارتجالية والمتسرعة
هو قرار ككل القرارات المتسرعة ولن يسهل الوحدة والاندماج بقدر ما سيخلق صعوبات اجتماعية أي أنه سيثقل كاهل البلاد بمشاكل اجتماعية أخرى زيادة على الجوانب الأمنية وذلك لأن بلادنا لم تدخل بعد مرحلة الاستقرار.
لا يمكن لبلادنا ان تدخل بصفة أحادية في تطبيق هذا المشروع والوضع مشوب بمزيد من الاضطراب والقلق والأوضاع غير مستقرة ونتجه نحو أزمة اقتصادية ، كما انه ليس من السهل الاقدام على مثل هذه الاجراءات التي من شأنها ان تشوش أكثر على التونسي من حيث الاستهلاك والتشغيل أي انه لن يتحكم في الأسعار ولا في الشغل وكأنه في حالة تفكك وهو لا يتحرك.
القضية ليست موقفا من قضية الوحدة فالشعوب تتوحد وفق برنامج تعمل عليه كل المكونات، لكن الواقع ان شعوبنا ليس لديها تمازج اجتماعي لتتمكن من الاندماج وهو ما يهدد بخلق توتر اضافي، ما أقدموا عليه هو من القرارات الارتجالية وكل ينجز ما يفكر فيه دون ان يراعي مصالح البلاد وهو يتصور انه بهذا القرار سيدخل التاريخ ليس هكذا تصنع الشخصيات التاريخية أو ندخل التاريخ وفي اعتقادي هي من الأشياء التي سترهقنا جدا لأنه في ما بعد عندما نفكر في مراجعة القرار ستنتج مشاكل بين الدول، فل نرى ماذا حصل في قضية المحمودي هناك منع للتونسيين من الدخول وتهديد للجالية التونسية في ليبيا وهذا يعود لقرار سياسي متسرع.
نحن أيضا نعلم ان ليبيا هي مركز للقاعدة وعندما نحاول المراقبة ستنتج مشاكل، أيضا الجزائر هذا القرار لا يساعدها من الناحية الأمنية لأنه يجعلها مكشوفة للقاعدة من ناحيتنا، ساستنا لا يستطيعون التفكير بروية بل يأخذون قرارات ارتجالية ومتسرعة ولم اكن اتصور انهم على هذا القدر من انعدام الحرفية في السياسية كنت أتصور العكس لكن «الله غالب». سيدخلوننا في دوامة من المشاكل ولا نعرف ما هو هدفهم النهائي من هاته المشاكل هم يبحثون عن اسباب لتبرير المواجهة.
محمد ابراهمي «حركة الشعب» : خطوة موفقة تحقق انتظارات الشعوب
اعتبرها خطوة موفقة وايجابية واتمنى ان يسري القرار على باقي الدول العربية وهذا يحقق الانتظارات والاهداف التي تعلق بها الكثير من مناضلي المنطقة.
لا أعتقد ان في القرار خطورة على المعطلين التونسيين بل قد يفتح مواطن عمل لهم هنا وهناك حتى انه لدينا خلل في سوق الشغل مثلا عجز على ايجاد اليد العاملة في فصل جني الزيتون في حين ان مواطنينا يجدون عملا في الأسواق الليبية، هذا الاجراء سيوفر تعديلا آليا للسوق. نتمنى ان يتم رفع كل القيود بحيث ان الفائض في العمالة في تونس سيجد له مكانا في بلد آخر والفائض في العمالة في البلدان الأخرى سيجد عملا في تونس، الاندماج أحد المقومات الأساسية للنهوض.
فتحي النوري «خبير اقتصادي» : الاندماج المغاربي لا يتم بتحرير اليد العاملة
تفعيل الاتحاد حسب رأيي يتم برفع العراقيل أمام السلع وتوحيد المؤسسات قبل تحرير اليد العاملة، الاندماج المغاربي لا يتم بتحرير اليد العاملة بل بتحرير التشريعات والمؤسسات وتوحيدها وتيسير تنقل رجال الاعمال وبتوحيد التعريفات الجمركية.
هل لدينا سوق مندمجة لنحرر اليد العاملة؟ فالسوق المغاربية متشابهة من حيث اليد العاملة ما الذي سيضيفه العامل المغربي سوى تدمير السوق؟ هذا قرار غير مدروس ووحدة المغرب تتطلب دراسات وليس قرارات ارتجالية نحن نرحب بهم لكن الأجدر ان نحرر المعاملات والقرار السياسي يجب ان يكون موحدا أيضا فالوحدة لا تتم بحسن النوايا.
ان القرارات الاقتصادية تتطلب دراسات وقوانين متوافقة ومتناغمة ورفع الحواجز الادارية وتحسين الادارة، الوحدة المغاربية ستضيف 1 بالمائة من انتاجنا الاجمالي لكن ذلك لا يتم بالارتجال، أيضا بالنسبة للانتخابات يجب ان نوضح المسألة وندرسها ولنعد كم جزائريا أو مغربيا له اكثر من 10 سنوات في تونس هذه مرحلة انتقالية والحدود غير محمية والمراقبة هشة فما الذي يجعلنا نتسرع؟ هذا القرار سابق لأوانه ويجب ان تكون هناك دراسة عن ما سيقدمه لتونس.
ان الاندماج الاقتصادي غاية وعندما تكون لدينا سوق كبيرة تصبح قادرة على المنافسة في العالم لكن هناك مراحل للإعداد لذلك يجب ان نمر بها حتى نصل الى تحرير اليد العاملة ، أيضا بالنسبة للإرادة السياسية لا يجب ان تكون النية أكبر من الفعل فلم يعد هناك وقت لهذا.
أيضا طالما ان نسبة الأجر غير موحدة فالأجر الادنى في تونس يختلف عنه في الجزائر والمغرب وموريتانيا وبالتالي تحرير اليد العاملة سيدخل الفوضى على السوق التونسية أيضا ماهي اليد العاملة التي ستدخل تونس ليس مهندسين بالطبع سيأتي العامل اليومي لن نربح الاطارات العليا فهي ستتجه الى أوروبا، ان وحدة المغرب العربي غاية واندماج السوق هدف لكن العراقيل مازالت موجودة لذا القرار يجب ان يكون مدروسا.
ان وحدة المغرب العربي لن تتم بالخطابات والا لتوحدنا منذ سنين لماذا لا يتم اندماج سوق الطاقة التي ستكون فيها فائدة لجميع البلدان والاندماج ممكن في هاته السوق، أيضا لابد ان تتم دراسة كل سوق على حدة، أيضا هناك ظاهرة في تونس وهي ان المستشار يتكلم قبل صاحب القرار وهو ما يدل على ان صاحب القرار ضعيف وهذه ليست طريقة لتسيير البلاد.
من جانب آخر نعلم انه الآن هناك العمل الموسمي في تونس مثل البناء والمقاهي والحصاد ونعلم ان التونسي ترفع على أنواع من العمل التي أصبح الأفارقة يقومون بها وربما وصول هاته الأفواج من المغرب وموريتانيا يكون جزءا من الحل بالنسبة لهذه الظاهرة لكنه ليس حلا كاملا.