تتميّز المدن بتونس بالعديد من المعالم التاريخية والمعمارية وتشكّل هذه المعالم شواهد على حضارة ضاربة في القدم كانت مصدر إلهام لعدد من الفنانين وخاصة التشكيليين منهم من ذلك الرسامة مريم بن حسن. تشتهر مدينة صفاقس بعديد المعالم، فالمدينة العتيقة تضم متحف العادات والتقاليد الشعبية في اعرق منازل المدينة «دار الجلولي» وهواول متحف من نوعه بتونس يعود إلى الستينات من القرن العشرين، ومتحف العمارة التقليدية الفريد من نوعه في تونس وربما في منطقة المغرب العربي ويعرض منذ نهاية القرن الماضي ادوات وتقنيات وشخصيات عبقرية العمارة المحلية...
وبالمدينة الجامع الكبير اوالأعظم أشهر واجمل المعالم الدينية منذ تأسيسه في القرن التاسع للميلاد، ومنازل تقليدية رائقة مازالت بالكاد تحافظ على رونقها وجمالها وذاكرة اهلها: دار الهنتاتي، دار المصمودي، دار العذار، دار كمون.... والاسواق الغنية والمتنوعة التي كانت تصل بضائعها إلى الشرق والغرب وعمق افريقيا ومنها تومبكتوفي شمال مالي حاليا....وكذلك اسوار المدينة الخالدة وانهجها وازقتها وكلها تعتبر شاهدا على فن البناء المحلي. ..
انها كنوز بمعنى الكلمة. ... وهذا التراث الثقافي الغني مازال نائما ولم تتحمل اية جهة المسؤولية الكبيرة تجاه الفن والتراث والثقافة( قلة المؤرخين والآثاريين الذين اشتغلوا على المدينة،غياب تجارب المهندسين المعماريين في استلهام التراث النادر للمدينة العتيقة، لم يصدر أي كتاب إلى حد الان عن المدينة بعد اكثر من 11 قرنا على تأسيسها... ) لوحات تزيد الوعي بالتراث..
لوحات الفنانة الرسامة مريم بن حسن المستوحاة من المدينة العتيقة (الاسوار، الانهج، الابواب، اللباس...) تكشف لك عن المفاهيم والقواعد الجمالية التي تزخر بها المدينة العتيقة بصفاقس، وعن مخزونها الفني الثري والرائع من عناصر ومفردات واشكال وملابس وزخارف.... هذه اللوحات التي تظهر علينا من حين إلى اخر تنسج فيها رسامتنا الشابة الخيط الرابط بين تاريخ فنون التراث بعلم الجمال. وما احوج تراثنا للمزيد من تسليط الاضواء عليه من كل الاغراض الادبية والفنية.
ان المدينة العتيقة بصفاقس لم تشهد بعد الزيارة الاولى لتاريخها؟
ومازال تاريخ التراث مطمورا في عمق الماضي رغم ان أصوله تكاد تتلاشى مع زخف الزمن عليه، وبالرغم من انه يمثل حجر الزاوية لثقافة الفرد والمجتمع في الاطلاع على التراث وتنمية الذوق الفني الذي يضرب في عمق ثقافتنا. وقد سمحت لنا الفنانة مريم فعلا بالاستفادة من هذا الرصيد الفني الذي يحويه التراث المحلي لمدينة صفاقس، ويمكن ان نرى في كل لوحة من لوحاتها القيم التشكيلية للتراث الصفاقسي بكل تنوعاته وشموليته، وبالتالي تحيلك كل لوحة إلى تراث يعمق الرؤية الفنية ويزيد من الوعي بالتراث.
اللوحات التي نسجتها مريم بن حسن من عمق المدينة العتيقة كتأصيل واضح للقيم الجمالية بما تضخه ألوانها من اوكسجين بالوعي الجمالي وبما تحققه من انتماء للتراث المحلي النابع من أصالة الاهالي وتاريخهم العريق، ثم بمحاولة ايجاد لغة للتفاهم اساسها تذوق التراث وقيمه الجمالية والمحافظة عليه.