داخل قاعة العرض التي اشرف على «ديكوريها» عبد الستار الصياح، في توزيع متقن للوحات، بدت الصور المعروضة كأنها اختيرت بدقة والتقطت وفق حسابات دقيقة ومدروسة وتبدو أحيانا انها مصنوعة يدويا لتبرز تفاصيل معينة، والحال انها من صنع قوى اكثر قدرة وانه التقطها دون اية إضافة او تحوير لتنقل لنا ثنائيات ورموزا وأشكالا ذات رمزية ووظائف جمالية. فكرة المعرض انطلقت عندما شرع الفنان القيزاني في إنتاج عمل فوتوغرافي حول الحضارة الغالبية في القيروان. وتنقل بين القيروان وبعض المدن الساحلية التي تربطها خصوصية هندسية بالحضارة العربية الإسلامية. هندسة معمارية تحت الضوء هو العمل الذي هم به قبل دخول فكرة المعرض. فاختار إضافة عناصر أخرى الى موضوعه في علاقة بالطبيعة وخصوصا البحر، من اجل ان يكون المعرض اكثر تنوعا في الذائقة الفنية وفي المواضيع.
بعض الصور نشاهدها في القيروان يوميا، ولكنها داخل المعرض كانت اكثر قيمة. وعن ذلك اكد القيزاني انه يقوم بالبحث قبل القيام بعمله وركز على الأشكال الهندسية في علاقة بالضوء الذي يبرز قيمة المعلم. حيث يركز على الضوء (النور). والانتقال من الظلام او العتمة الى النور، مثل صورة طلوع الفجر من وراء البحر ليرسم ثنائية العتمة والنور ثم يبرز أشكالا هندسية متناسقة الأبعاد. وقال انه حرص على التقاطها في توقيت معين درسه مرات ومرات من اجل ان تكون الصورة بذلك الجمال. «أردت اثارة إشكال حول أهمية الصورة وقيمتها في التأثير» يقول صاحب المعرض من خلال تجربته السينمائية والتوثيقية، ويرى ان للصورة أبعادا فكرية وهي سلاح ذو حدين ويجب الانتباه الى أسرارها. وقال انه اشتغل على عديد انماط الصورة منها الصورة العادية الفوتوغرافية، وقال إن هناك صورا هي بمثابة اقتباس من الزمن لانها لا تتكرر سوى مرة واحد في العام. وتحدث عن الصورة السينمائية التي تحتاج الى نص.
ومن المنتظر ان يتحول المعرض الى مناطق أخرى في رحلة يقوم بها المنجي القيزاني للتعريف بجمال تونس ويأمل ان تتبنى وزارة السياحة أعماله في الترويج للسياحة التونسية في الخارج من خلال الصورة الجميلة رغم بساطتها. البعد الجمالي والبعد الصوفي هي بعض أبعاد الصورة. واكد انه سيشرع في بعث ناد للسينما والتصوير الفوتوغرافي لتعليم الشبان هذا الفن.
أحلام كبيرة وأبعاد فنية وحضارية بارزة في هذا المعرض الذي يمكن القول انه اكثر من معرض للصور الفوتوغرافية وإنما هو اختزال لعناصر الجمال الطبيعية والحضارية لمدينة القيروان ولجمال البحر في المدن الساحلية واختصار المسافات للسائح ليعلم انه هنا في تونس.