هو أحد المعالم المعمارية الدينية لمدينة باجة ويعود الى العهد المرادي ويقع بالمدينة العتيقة، وتحديدا خارج السور الغربي، في أحد سفوح الجبل وهو جبل عين الشمس. ونظرا الى أن مبنى الجامع قد أقيم خارج الأسوار فقد صيغ بشكل يمكن أن نشاهد حدوده الفضائية من الخارج كاملة فضلا عن الصومعة بحيث شكلت هذه الحدود على هيئة الحصون مثلما هو الحال في جامع عقبة بن نافع بالقيروان والجامع الكبير بسوسة.
وأكثر ما يلفت الانتباه في هذا الفضاء الحضور المكثف للمنشآت ا لصحية والمائية والروحية إذ ينتصب بها غربا حمام أبي صندل، وسبيل يوسف صاحب الطابع وقد ظل الأول متصلا بكتلة الجامعة بباب ذي فتحات ثلاث يعود الى العهد الروماني. أما في شرقيها فنجد الزاوية الرحمانية الأولى وتتصل بالجامع بواسطة قنطرة قوس عالية ولا ينفصل الحيز السكني للبلد عن هذه الساحة ومن ثمة عن جامع الباي القائم في جوارها إلا بجانب من السور يخترقه باب بيزنطي ما يزال منتصبا الى اليوم في قسم يسير منه وعبره يتمّ النفاذ الى ساحة أخرى تقع داخل السور هي ساحة العين (عين باجة) حيث شيد الرومان أحواضا لحسن استغلال المياه وإحكام تصريفها وشيدوا صهاريج لتخزينها وإمداد الحمامات المتاخمة بها، حيث ابتنى المسلمون أماكن أخرى للعبادة هي بالأساس جامع النخلة وزاوية أبي نوالة: ثاني زوايا الطريقة العيساوية بالمدينة. يعرف هذا الجامع بالجامع الصغير تمييزا له عن الجامع الكبير ويسمى أيضا الجامع الحنفي لإقامة الصلوات به على قواعد مذهب أبي حنيفة النعمان ولأن الجامع لم ينشأ أصلا إلا لنشر المذهب الحنفي وتدريس المنظومة الفقهية التي يقوم عليها. كما يعرف بجامع الباي في إشارة الى مؤسس المعلم وهو مراد باي الثاني ثالث أمراء الأسرة المرادية.
نشأة المعلم
لا يعرف تاريخ مضبوط لبناء هذا الجامع ولكن اعتمادا على الفترة الزمنية التي قضاها مؤسسه مراد باي الثاني في الحكم والتي تمتد من 9 شوال 1076ه/ 14 أفريل 1666 الى 16 جمادى الأولى 1086ه 8 أوت 1675م أن نرجع تاريخ الانشاء الى الثلث الأخير من القرن 11ه 17م، فهو على هذا من أول المؤسسات الدينية الحنفية التي أنشأها الأتراك خارج العاصمة.
تشغل هذه المنشأة الدينية حاليا مساحة مستطيلة تقدر بحوالي 1.254م2 تقريبا تحتل منها بيت الصلاة حيزا يناهز 710.5م2 ويمتد الصحن على مساحة تقدر بحوالي 506م2 في حين تنتصب الصومعة وبعض الملحقات الأخرى ي بقية الفضاء.