تمكنت دورية السلامة التابعة لشركة تونس الطرقات السيارة بإقليم تركي من إنقاذ طفل جزائري صغير تائه ليلا على مستوى الطريق السيارة وبالتحديد بين خنقة الحجاج ومحطة الاستخلاص بمرناق. وكان قد قدم مع عائلته لأجل قضاء العطلة الصيفية ببلادنا. مكتب نابل (الشروق)وإذ أفادنا أحدهم أنه وعلى الساعة التاسعة ليلا عندما كان الظلام يخيم على الطريق السيارة حمام الأنفمساكن وكانت العربات تطوي الأرض طيا لا همّ لها إلا بلوغ مقصدها، كان أحد أعوان دوريات السلامة بإقليم تركي والمسمّى عز الدين الشافعي يقوم بدورية عادية إذ لمح عن بعد ما يشبه خيال طفل صغير يترنح على جانب الطريق فلم يصدق ما رأى حتى اقترب منه أكثر فاصطدم بكونه طفلا لا يتعدّى سنه الثامنة يمشي وحيدا مرتعشا يكاد يسقط مغشيا عليه من هول هذا الموقف ومن الظلمة الموحشة والمكان المقفر الذي لا يخلو من الحيوانات المتوحشة ومن خطر السيارات المسرعة التي تسابق الزمن وليس له من أنيس أو دليل في ذلك المكان الرهيب إلا اللّه، فترجل عون السلامة للتو وحاول أن يخفف قليلا من حالة الرعب التي كان عليها هذا الفتى الصغير الذي أفاد أنه كان منذ وهلة مع عائلته التي جاءت من الجزائر الى تونس لأجل قضاء العطلة الصيفية، وأضاف هذا الصغير بأنهم توقفوا على جانب الطريق لأجل قضاء بعض الحاجات لكنه تأخر قليلا ولم يتفطن والداه لذلك اعتقادا منهم أنه قد امتطى سيارة عمّه الذي كان يصاحبهم في رحلتهم هذه. وبالتالي استأنفت العائلة رحلتها عبر الطريق السيارة تاركين ذلك الطفل يجابه قدره وحيدا في مكان مظلم خال إلا من الحيوانات البرية وخطر الاصطدام بالسيارات التي تطوي الأرض طيا، فما كان من هذا الطفل عندما استشعر الخطر ولا أنيس له في تلك اللحظات العصيبة إلا أن يعول على نفسه محاولا الالتحاق بعائلته فاستأنف بدوره السير وكأنه بذلك يتحدّى كل الأخطار وقلبه الصغير الذي يكاد ينتزع من مكانه من شدة الخوف ومن ألطاف اللّه أنه لم يحاول أن يقطع الطريق فيلقى حتفه في الحال أو أن يتوغل داخل الغابة المحاذية له فيصبح في عداد الموتى.. وبالتالي فقد كان عون السلامة بمثابة هبة من السماء لأجل إنقاذ طفل من موت محقق إذ تلقفه هذا العون وهو لا يكاد يصدق نفسه بأن هذا الطفل قد نجا من مصير محتوم. وقام بأخذه معه وتسليمه الى الفرقة السريعة بتركي التي احتفظت به في انتظار أن تتصل العائلة وفعلا لم تمر بضع ساعات حتى اكتشف الأبوان غياب ابنهما الصغير وتأكدا من بقائه وحيدا بذلك المكان الموحش، فأصيبت العائلة بالرعب الشديد ودخلت أمه في حالة هيستيرية من البكاء واللطم خاصة عندما عادوا أدراجهم الى حيث تركوه فلم يعثروا له على أثر وانقلبت فرحتهم الى بكاء وعويل فكيف لهم أن يجدوا طفلهم في هذا الظلام الحالك والغابة الموحشة؟!.. فانطلقوا الى أقرب مركز حرس على الطريق السيارة وهو مركز السريعة واحد.. حيث كانت المفاجأة السعيدة جدا والسارة في انتظارهم.. فطفلهم الصغير بخير وأمان وهو في انتظارهم على أحرّ من الجمر.. حيث كان المشهد مؤثرا كثيرا وخاصة موقف الأم الملتاعة التي لم تصدق ما حدث لولدها والتي أفادت أنها سوف لن تنسى هذه الحادثة طيلة حياتها، وإن كان هذا رأي الأم فهل سينسى هذا الطفل بدوره مغامرته التي لم تكن لتخطر على بال؟