سنة 46 للهجرة ولى معاوية بن ابي سفيان الصحابي رويفع بن ثابت الأنصاري قائدا على طرابلس ومنها غزا إفريقية ودخلها فعلّم القوم صناعة الخط وتقاسيم العمران وعلمهم آداب الانتفاع عند المغنم وشيد أول مسجد بالأرض الموعودة وانصرف من عامه. أخبرنا حنش الصنعاني وهو من علماء التابعين وفضلائهم قال: في بادئ الأمر غزونا المغرب وعلى رأس الجيش رويفع بن ثابت وافتتحنا جزيرة جربة فقام فينا رويفع خطيبا: اني لا أقول فيكم الا ما سمعت عن رسول الله (صلى الله ليه وسلم)، قام فينا يوم خيبر حين افتتحناها فقال لا يحل لأمرئ يؤمن بالله واليوم الآخر ان يسقى ماءه زرع غيره يعني إتيان الحبالى ولا يحل لامرئ ان يصيب امرأة من السبي ثيبا اي ليست بكرا، حتى يستبرئها ولا يجوز ان يبيع مغنما حتى يقسم بين الناس ولا يحل لامرئ يؤمنبالله ان يركب دابة من فيئ المسلمين (اي الغنيمة) حتى اذا أعجفها ردها فيه. ولا يحل ان يلبس ثوبا من الغنائم حتى اذا اخلقه رده (اي هلهله بالتقادم).
توفي رويفع سنة 53هجرية. كان يستحي من الله ان يتكلم في باب التوكل وعنده درهم. وكان يمقت اللغط فيتجاوز اللسان معتقد القلب أسوة بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم واتباعه وطاعة لأمره. ففي اسرع امد بالقيروان أحكم الأصول وحفظ الحدود وتمسك بالسنن ثم أوجب أولي الأمر نفي الأهواء عن الأفعال والأقوال بحسب مصادفات أسرارهم وما انضمت عليه ضمائرهم.
كان رويفع رحمه الله من اكثر الخلق لينا ومعرفة بطباع البلدان. وان من مآثره الجليلة وضعه مسجد الأنصار سنة 47 هجرية 668 ميلادية على وجه التقريب قبل ان تخطط القيروان. وهو محروس ومُنار يصد غزوات الروم والبربر.