كلما تابعت أخبار فلسطين يسّاقط الأطفال من عيني دمعا يجرّح خدي... أحباب الله تجتثهم الجرافات من أكباد أمهاتهم.. أحباب الله يلعبون بالرصاصات الفارغة بين الانقاض.. ينامون بعين واحدة في انتظار مداهمة ليلية مرعبة.. زائر الليل لا يطرق الباب.. وإنما يفجّره.. هم لايحلمون بأقلام الزينة والصور الملونة.. ولا يحلمون بحديقة فيها ورد وضحكات أطفال ولعب زاهية.. هم يحلمون بسقف مضاد للصواريخ وجدران لا تسقط وأم لا تبكي... هذه الجنازات تشيع كل يوم.. ألا تشبع المقابر!! حفظوا المفردات كلها : صرّح.. ندد.. حذر.. وأضاف ولا أحد يضيف لهم عمرا جديدا... ما يخرج من أفواه الزائرين المتمترسين خلف أكياس الرمل لا يساوي ما يخرج من أفواه المدافع... بعض التصريحات تشبه نوعا من رصاص القتلة: مطاطية... التصريحات تخدر والرصاص يقتل.. غير أن القانون لا يعاقب مروجي المخدّرات اللغوية.. قنوات العالم «المتحضّر» تفتح أخبارها عن ضرورة إطعام الكلاب وحماية القطط والخوف من اندثار نوع من الخنافس... قنوات العالم «الحر» لا تبكي على من يبكي.. من علم الأطفال نشيد الفداء؟... من صنع القنابل البشرية!! كلما تابعت اخبار فلسطين يسّاقط الأطفال من عيني جمرا على جدّي.. سبعون سنة مرّت والفلسطينية الولادة.. سيدة النساء كلهن.. صاحبة العيون الشتوية تزرع الأطفال في الأرض مثل الشجر لمواجهة الجرافات.. كلت يد الحطاب ولم تكل صاحبة العيون الشتوية... سبعون سنة مرّت.. والمفردات لا تتغير.. قصف.. هجر.. اغتال.. ضمّ.. حاصر.. سبعون سنة مرّت والردود لم تتغيّر.. «هذا تصعيد خطير».. ولو جمعنا التصعيد مع التصعيد لبلغ القتلة المريخ قبل الأمريكان... ومازلنا نراوح مكاننا. ربما كان صديقي على صواب عندما قاطع الأخبار.. ولما قاطعها فاجأته جماعة الفضائيات بنشرة مكتوبة تمرّ بانتظام أسفل الشاشة.. الأخبار مرّة أخرى!!! صديقي لم ييأس.. وضع شريطا لاصقا غطى أسفل التلفزة.. فاستراح.. وقلبه موجوع.