هي مدينة كبرى من أعرق المدن التونسية، هي عاصمة الجنوب ومدينة الزيتون واللوز والتين وسائر الثمار اللذيذة. صفاقس كلمة من أصل بربري، ومعناها الأرض المحصّنة كما يذهب أبوبكر عبد الكافي في الجزء الثاني من كتابه عن تاريخ صفاقس (ص19) وذلك بسبب المحارس والرباطات التي كانت مقامة على الشاطئ. وقد دعّم الأغالبة هذه المحارس فبنوا السور ذا الابراج وهو تحفة من تحف العمران الاسلامي بتونس.
كما بنوا الجامع ومنارته العجيبة الشكل على غرار جامع عقبة بن نافع بالقيروان، وبنيت أقواس جامع صفاقس بطريقة فنية متناسقة تبعث على الاعجاب بمنظرها البديع. وقد اعتمد أبوبكر عبد الكافي على محمود مقديش في كتابه «نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار» اذ يفيدنا هذا المؤرخ ان صفاقس كانت في ابتداء أمرها محرسا من المحارس وبرجا في موضع قصبتها وكانت هنالك أقوام يسكنون في «أخصاص من خوص» يعيشون بصيد السمك بساحل البحر. وكانت حول صفاقس قرى كثيرة متصلة ومتقاربة وكان لهم مكان يجتمعون فيه بصفاقس للتجارة».
يقول مقديش في خاتمة كتابه: «ولهم في ذلك الموضع في كل يوم جمعة سوق، يجتمع فيه أهالي تلك القرى فأغدق له فنادق لحفظ دواب الواردين وأمتعتهم وأحدثت هناك مرسى للقادمين من البحر كأهل قابس وجربة وطرابلس وقرقنة وغير ذلك فابتنى الناس لهم مساكن وكثرت الناس». (ج2 ص171 172)