لا تبدو الادارة الأمريكية مرتاحة للجولة التي يستعد الرئيس المصري محمد مرسي القيام بها في الأيام القادمة والتي ستقوده الى الصين وايران وبدأت واشنطن تدرك أن السياسة الخارجية المصرية الجديدة تتجه الى «الشرق» وفق ما استخلصه محلل أمريكي. تحت عنوان عريض كتب ديفيد شينكر خبير الشئون العربية بصحيفة لوس انجلوس تايمز، ان رئيس مصر الإسلامي، محمد مرسي، سيقوم بزيارة الصين وإيران في تحرك لتحويل اتجاه بلاده للسياسة الخارجية بعيدا عن الولاياتالمتحدة والغرب. وذكر أنه خلال الأسبوع المقبل، سيقوم مرسي، بزيارة الصين تلبية لدعوة من الرئيس الصيني هو جين تاو. وقال إنه يريد الحصول على استثمارات صينية ستمكن مصر من «الاستغناء عن القروض والمساعدات» ومن الصين، سوف يسافر مرسي إلى طهران لحضور قمة حركة عدم الانحياز.
انزعاج أمريكي
ويقول شنيكر انه بعد شهرين فقط من وصوله إلى السلطة، ينتهج مرسي سياسة التقارب مع طهران معبرا عن طموح جديد للتخلي عن مليارات الدولارات الامريكية من المعونات والتمويل الأجنبي من المؤسسات المالية الغربية. وهذه الخطوات تشير إلى أن مصر قد تحدث تحولا بالسياسة الخارجية المصرية يذكر بطرد الرئيس الراحل أنور السادات للسوفيات في عام 1972 وإعادة توجيهها لاحقا الي الغرب.
ويشير الخبير الامريكي الي ان تقارب القاهرة مع طهران المزدهر هو الأكثر وضوحا في محاور السياسة الخارجية لمرسي.. على الرغم من ان اي رئيس مصري لم يزر ايران منذ الثورة الاسلامية عام 1979، ونظام الملالي لا يزال حتى الان يحتفل باغتيال السادات.
وتابع الخبير الأمريكي قوله «ومصر على الرغم من كونها حليفا رئيسيا للولايات المتحدة منذ فترة طويلة الا انها تصنف نفسها بأنها من دول «عدم الانحياز» و هو امر ربما كان أكثر قبولا لواشنطن في عهد الرئيس المصري السابق حسني مبارك. الا انه الان يعد امرا بغيضا نظرا لتصاعد حدة التوتر بشأن برنامج إيران النووي، وتوقيت الزيارة الاستفزازية لمرسي و الذي يبدو عمدا» حسب تعبيره.
والاكثر إشكالية بالنسبة للولايات المتحدة على حد قول الخبير نفسه، هو تقارب مصر مع الصين ، التي يمكن أن تكون شريكا مستعدا لاحتواء مصر الإسلامية.. ومما يزيد الشعور بالقلق هو تأثير سياسة مصر الجديدة من خفضها عمدا لمستوى وربما حتى قطع العلاقات مع إسرائيل شريك السلام. ويري شنيكر ان التقارب المصري قد يعد فرصة للصين التي لم تحقق نجاحا جيدا خاصة في ما يسمي الربيع العربي. بالإضافة إلى فقدانها مليارات الدولارات من الاستثمارات في قطاع الطاقة في ليبيا.
وعلى الرغم من أن مصر تعاني من انعدام الأمن وفشل الاقتصاد الا ان التقارب الان قد يبدو ذو قيمة تذكر للعلاقات الصينية لتوفير موطئ قدم على البحر المتوسط، ويشمل الامر افتراضا، الحصول على ميناء بحري. وقد تُقدم مصر على اعطاء الاولوية للسفن الحربية الصينية لعبور قناة السويس، كما جرت العادة مع سفن الولاياتالمتحدة . وهذا الامتياز قد يكون جذابا خاصة للصين، التي تدرك بشكل متزايد الحاجة إلى حماية استثماراتها في منطقة البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود. وآخر المتطلبات الأساسية المحتملة للصين قد يكون الحصول على التكنولوجيا الأمريكية في مصر.
ووفقا لبرقية دبلوماسية أمريكية في أوت 2009 نشرها موقع ويكيليكس، فإن مصر كانت من اكثر الدول انتهاكا لقانون [مراقبة تصدير الاسلحة]. وأعربت البرقيات المسربة عن القلق من زيارة لمسؤول عسكري صيني في تلك السنة إلى قاعدة مصرية لطائرات اف.16... و يقول الخبير الامريكي ، ان هذه الانتهاكات وقعت في ظل ادارة مبارك، والتي حافظت وبصرف النظر عن الصعوبات مع إدارة بوش على العلاقات الاستراتيجية القوية مع واشنطن. و يبدو انه في غياب علاقات وثيقة مع الولاياتالمتحدة، فإنه من الصعب أن نتصور أن مصر في عهد مرسي ستكون أكثر حماية للتكنولوجيا العسكرية الامريكية.
وأشار الي أن الفوائد التي تعود على الصين من تحسين العلاقات مع مصر واضحة لكن مرسي يري أيضا مزايا في تنويع مصادر مصر من المساعدة. وعلى المستوى الأكثر أساسية، تعتمد السياسة الخارجية للصين فقط على المصلحة الوطنية وحدها، وعلى هذا النحو، على عكس الولاياتالمتحدة، بكين لن تهتم بقيود مرسي المتزايدة على الحريات الصحفية، وفرض قيود على حرية التعبير، والقيود على حقوق المرأة أو سوء المعاملة للأقليات. في الوقت نفسه، الصين بما لديها من فيض السيولة النقدية، ستكون مصر قد نالت مصدرا جديدا للاستثمار الأجنبي عندما يتم إستعاده الاوضاع الأمنية عندها.
ويختتم شنيكر تحليله بالقول ان التحول في مصر تجاه الصين .. للأسف، يزيد من تعقيد العلاقة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية وسياساتها في الشرق الأوسط، وبناء على سياسة مرسي الخارجية الجديدة التي تشهد تحولا واعدا نحو بكين، فإن العلاقات الامريكية مع القاهرة ستكون واحدة فقط من سلسلة من مخاوف الولاياتالمتحدة ازاء مصر. يذكر أن ديفيد شينكر هو مدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني.