تشهد العلاقات الأمريكية الصينية هذه الأيام توتّرا وفتورا لافتين للنظر بسبب العديد من المواضيع سواء على صعيد العلاقة الاقتصادية بين البلدين أو على صعيد الملفين النوويين لكل من إيران وكوريا الشمالية... ولعلّ الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الأمريكي باراك أوباما الى آسيا والتقرير الذي أصدره الكونغرس الأمريكي الأسبوع الماضي والذي اتهم فيه بكين بتهديد الأمن القومي الأمريكي ترجما بجلاء القلق الأمريكي من «التنين» الصيني وأثارا نقاط استفهام حول مستقبل العلاقات بين هذين «العملاقين».. وإذا كانت العلاقة بين البلدين ظلّت على امتداد السنوات الأخيرة تتدرّج من التعاون الى العداء مرورا بدرجات متعددة تمثل كل منها موقعا وسطا أو أقرّت الى هذا الطرف أو ذاك بين قمة الصراع وقمة التعاون فإننا نجد هذه العلاقات في الحقيقة تمثل نمطا فريدا لما تتضمنه من عناصر متنافرة او متناقضة أحيانا فلا هي منافسة صريحة ولا هي أيضا عداء معلن.. لكن الشيء الثابت انه باستثناء التعاون التجاري الذي وصل الى نحو 400 مليار دولار العام الماضي ورفع مبالغ الاستثمارات الصينية في البلدين فإن الخلافات وتباين وجهات النظر تكاد تشمل جميع الأمور تقريبا... فالولاياتالمتحدة لا تنفك عن إثارة المشكلة تلو الأخرى فهي تمنع عودة تايوان الى الصين وتوفّر للنظام الحاكم في تايبيه الدعم السياسي والعسكري ولم تتوقف لحظة عن دعم المعارضة والقوى الانفصالية في كل من التيبت وشينغيانغ.. كما ان البنتاغون لايزال يعتبر الصين الخطر الرئيسي ويسعى الى محاصرتها بالقواعد العسكرية ويفرض عليها حصارا تقنيا شاملا ويمنع الدول الأوروبية من التعاون العسكري معها... وفي المقابل تتهم بكينواشنطن بممارسة سياسة الهيمنة وإقامة الأحلاف وتفجير المشاكل وإثارة القلاقل والاضطرابات في الصين والعالم.. ومثل هذه العناصر تؤكد بوضوح ان العلاقة بين «التنين الصيني» و«المارد الأمريكي» لن تكون جيدة بأي حال من الأحوال ولن يتجاوز تأثيرها تخفيف الأزمات وفترات المواجهة الاقتصادية كتلك التي تلوح في الأفق الآن في ما يتعلق باختلاف التوازن التجاري بين البلدين... لكن السؤال الذي يطرح اليوم الى أين تسير العلاقات الصينية الأمريكية؟ فهل أن ما يجري مجرّد «تنافس مشروع» بين قطبين يحاول فيه كل طرف العودة بقوة الى الواجهة... أم أن الأمر قد يتطوّر في الأخير الى «مواجهة»..؟ في العدد الجديد من الملف السياسي يتحدث السيدان: الدكتور منير شفيق (المنسق العام للمؤتمر القومي الاسلامي) والأستاذ محمد سيف الدولة (كاتب ومحلل سياسي مصري) د.منير شفيق: ما يجري بين واشنطنوبكين «صراع حاسم»... سيقود الى التصادم... تونس «الشروق»: رأى المفكر القومي الاسلامي الدكتور منير شفيق في حديث ل«الشروق» أن الأزمة المتصاعدة بين الولاياتالمتحدة والصين في الفترة الأخيرة تنذر بمواجهة حتمية بين الطرفين خاصة بعد ان باتت واشنطن ترى في بكين الخطر الأول. الدكتور منير شفيق أكد أن الصراع الجاري بين «المارد الأمريكي» والتنين الصيني حول مواضيع عدة يشكل مؤشرا على حالة اللانظام والفوضى السائدة في عالم اليوم. وفي ما يلي هذا الحوار: بداية ما هي قراءتكم دكتور لطبيعة التوتر القائم هذه الأيام بين واشنطنوبكين... ماذا عن خلفياته وأبعاده برأيكم؟ من ينظر الى التناقضات العالمية القائمة اليوم يفترض أن يرى ويرصد القوى الكبرى التي تزاحم أمريكا على هيمنتها على المنطقة حيث يرى روسيا من الناحية العسكرية والصين من الناحية العسكرية والتكنولوجية والاقتصادية ولكن من يتابع سياسة الولاياتالمتحدة خلال العقدين الأخيرين يلاحظ كيف أنها أعطت الأولوية لمحاربة عدد من البلدان العربية فكان تركيزها على العراق وفلسطين وأفغانستان ولبنان بصورة رئيسية... وهذا ما قامت به الولاياتالمتحدة وبتشجيع من الحكومة الصهيونية على غرار حرب تموز والحرب على قطاع غزة... والأولوية التي أعطتها الولاياتالمتحدة لهذه الملفات هي التي خففت من حدة الصراع الأمريكي الصيني لأن الأولوية حكمت على أمريكا بأن تهادن الصين وروسيا وبالتالي استفادت الولاياتالمتحدة في هذه الحالة استفادة كبيرة بتركيز أمريكا على منطقتنا ولذلك أنا أرى أن أولويات الاستراتيجية الأمريكية مصلوبة على رأسها... والسبب في ذلك يعود في رأيي أساسا الى أن هذه الاستراتيجية يقودها التوجه الصهيوني الذي يجعل الولاياتالمتحدة تركز فقط على المنطقة العربية ولا تلتفت الى التحديات والتهديدات الأخرى مثل الصين وروسيا... ولذلك فإن العلاقات الصينية الأمريكية لا تعبر فعلا عن حجم التناقض الحقيقي بين الطرفين ولكن هذا الوضع في رأيي لن يطول لأن أمريكا ترى في الصين الخطر الأول... هل ترون أن الصين حققت فعلا تطورا كبيرا قادرا على تمكينها من مقارعة الولاياتالمتحدة على الأقل اقتصاديا؟... الحقيقة الواضحة الآن أن الصين أصبحت تمتلك أكبر أسطول بحري واقتصادها أصبح الثاني على المستوى العالمي وهي تتطور بشكل سريع ولا يوجد سوق في العالم الا وغزته الصين... وبالتالي فإنه من الطبيعي أن تكون اليوم الخطر الرئيس ولكن سبب الصهينة في السياسة الأمريكية أن هناك تركيزا على البلاد العربية لمصلحة الكيان الصهيوني... أنا أرى أن هناك تناقضا بين أمريكا والصين ولكن تصعيد الأمر الى مستوى أمني يطرح أكثر من نقطة استفهام... وفي الحقيقة ليس لدي أي تفسير في هذه الناحية خلال السنوات العشر الماضية سخرت الولاياتالمتحدة نفسها لخدمة الكيان الصهيوني ولكنها من جهة فشلت في تحقيق أي من أهدافها في ذلك ومن جهة ثانية فتحت المجال واسعا للصين لأن تتطور بشكل سريع... لكن هذا الصراع الأمريكي الصيني في اطاره العام ألا يؤشر برأيكم دكتور منير على ميلاد نظام عالمي جديد متعدد الاقطاب؟ الذي حدث خلال السنوات العشر الماضية من نمو القوة الصينية أوجد في العالم حالة من اللانظام... اليوم هناك عدة أقطاب وليس نظاما متعدد القطبية... لأن الأقطاب لم تتفق بعد في ما بينها... وبالتالي فإن الحديث عن نظام متعدد القطبية مبكر جدا لأن ما نشاهده اليوم أن هناك أقطابا فعلا ولكنها أقطاب بلانظام يحكمها وينظم العلاقات في ما بينها. في هذه الحالة كيف ترون مستقبل العلاقة بين الجانبين؟... منطق الأمور يقول بأن تشهد العلاقة بين الصين وأمريكا في الفترة القريبة القادمة تصعيدا والأمر سيتطور في رأيي الى مواجهة محتومة بين الطرفين. هذه المواجهة المحتومة التي تتوقعونها أين يقف العرب منها... وأي مصلحة لهم في ما يجري؟ باستثناء المقاومة في فلسطين والعراق ولبنان وباستثناء بعض قوى الممانعة فإن الموقف العربي في حالة تراجع وتخلف لأنه راهن على السياسة الأمريكية... هذه المعادلة هي التي سمحت لكل من ايران وتركيا وسوريا أن تشكل قوة لا يستهان بها في المنطقة تتحطم على صخرتها المشاريع الأمريكية والصهيونية... العرب يجب أن يراهنوا على أنفسهم وذلك بتشكيل نظام عربي حقيقي وليس بالارتهان لأمريكا أو للصين... خبير مصري في العلاقات الدولية: الصين «محقت» رأسمالية الغرب... وأوباما أضعف من معاداة «التنين» تونس (الشروق) حوار أمين بن مسعود عزا المفكر القومي المصري محمد سيف الدولة التوتر القائم بين واشنطن وبيكين الى أسباب اقتصادية صرفة مشيرا الى أن الولاياتالمتحدة تعوّدت استعمال ملفات حقوق الانسان كورقة ضغط في وجه الأطراف التي ترفض الانصياع الى رغبتها. وقال سيف الدولة في حديث ل«الشروق» من العاصمة المصرية القاهرة ان مها يغيظ الولاياتالمتحدة حاليا هو بقاء العملة الصينية «اليوان» خارج الميزان التجاري العالمي وقدرة البضائع الصينية على اختراق السوق الأمريكية الأمر الذي يمكن بيكين من احتلال مكانة اقتصادية عالمية متقدمة في ظلّ الأزمة المالية التي ترزح تحتها الولاياتالمتحدة ووسط الأزمات التجارية التي تمرّ بها الاقتصاديات الرأسمالية الغربية (اليونان وإيرلندا). ملفات حقوقية وأوضح في ذات السياق أن الولاياتالمتحدة تستعمل حاليا ملفات حقوقية عديدة مثل (التيبت، الايغور والمنشق المتحصل حديثا على جائزة نوبل للسلام «ليو شياوبو»..) وتوظفها في ضغطها على الصين. وفي حديثه على التهديدات التي أطلقها باراك أوباما خلال قمة الثمانية وقمة العشرين ضد الاقتصاد الصيني أشار سيف الدولة الى أن الصين تظلّ في الوعي الغربي وفي الخارطة الذهنية الأمريكية من «البرابرة». ولا تنتمي بالتالي الى الجنس الأوروأمريكي. وأضاف أن ذات الاشكال التجاري (تخفيض قيمة العملة..) تعرفه ألمانيا وعلى الرغم من هذه الحقيقة فإن الولاياتالمتحدة ومن خلفها الدول الغربية الأخرى لم تنتهج ذات السياسة التصعيدية التي تتعامل بها الصين مع برلين. وأكد ذات التمييز شاهدناه خلال الحرب العالمية الثانية حيث حاربت أمريكا: اليابان وألمانيا بيد أنها استخدمت السلاح «الذري» ضدّ اليابان ولم تستعمله ضدّ ألمانيا وأردف في ذات الاطار أن الصين تمثل نموذجا مختلفا لإدارة السوق وللنظام الرأسمالي باعتبارها تعتمد نظام «رأسمالية الدولة» خلافا لنظام رأسمالية الشركات والسوق الحرّ المعتمد في الغرب. تهديدات... جوفاء وفي تعليقه على تقرير الكونغرس الصادر موفى الأسبوع الماضي والذي اعتبر أن الصين قادرة على تدمير القواعد الأمريكية بشرق آسيا، أكد سيف الدولة أن فكرة خوض الحروب المباشرة بين القوى الكبرى انتهت منذ 1945 سنة إلقاء القنبلة على «هيروشيما» ونهاية الحرب العالمية الثانية وأن هذا التقرير ليس سوى حلقة من حلقات الضغط الأمريكي على الصين عبر تضخيم ترسانتها العسكرية. وشدّد على أن هذا التقرير ينطوي على جوانب مهمة بالنسبة الى العرب متمثلة في الإقرار الأمريكي بتعدد الأقطاب في العالم مما يحثنا على القطع مع الارتهان الكامل لواشنطن. وأبرز أن التقرير يتمّ في أجواء خسارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للأغلبية النيابية ووسط سعي أمريكي «ديمقراطي» الى تحقيق انتصارات خارجية واستدعاء أعداء جدد وهميين. وتابع أن زيارة أوباما الى آسيا تأتي في سياق محاولة أوباما للخروج من الأزمات الداخلية عبر الزيارات الخارجية وإعادة طرح نفسه كقائد للعالم الحر واعتبر أن الصين ليست من الدول التي تغيّر سياستها وتعدّل قيمة عملتها بمقتضى تصريح أو تهديد أمريكي وأن الادارة الأمريكية الحالية أضعف من أن تقدم على اتخاذ سياسات ضد الصين وأن «الجمهوريين» لن يسمحوا بوضع حدّ لسلسلة الفشل المستمرّ لباراك أوباما وأنهم سيكتسحون الانتخابات الرئاسية القادمة 2012 وسيبدؤون عصرا «بوشيا» جديدا. مصادر التوتّر بين الصين وأمريكا ٭ تونس «الشروق» في ما يلي رصد لأهم مصادر التوتر بين الصين وأمريكا: العملة والديون: تشكو الولاياتالمتحدة من أن الصين تبقى عملتها (اليوان) أقل من قيمتها بشكل مصطنع الامر الذي يساعد المصدرين الصينيين بصورة غير عادلة. وربطت الصين بصورة غير رسمية اليوان بالدولار منذ منتصف 2008. وارتفع (اليوان) مقابل سلة من العملات الرئيسية هذا العام مقتفيا أثر قوة الدولار. التجارة والاستثمار: تراكمت الخلافات بشأن اجراءات مكافحة الاغراق وغيرها من الخلافات التجارية بسرعة منذ تفجرت الازمة الاقتصادية العالمية في 2008 ومع ذلك سارعت الحكومتان بشجب سياسات الحماية التجارية. وتتركز النزاعات على كل شيء من اطارات السيارات ومنتجات الصلب والدواجن الى الرسوم الصينية على صادرات المعادن الخام ومخاوف الجودة المتعلقة بالمنتجات الغذائية ولعب الاطفال الصينية وغيرها من البضائع والتي يعتبرها المنتجون الصينيون شكلا من الحماية. التبت وتايوان: يجري الزعيم الروحي المنفي للتبت الدلاي لاما زيارات متكررة للولايات المتحدة والتقي بالرئيس الامريكي باراك أوباما بالبيت الابيض في فيفري الماضي مما أثار استنكار بكين التي تعتبر الدلاي لاما معارضا. واتهمت بكين أوباما بالحاق الضرر بالعلاقات من خلال الاجتماع بالزعيم الروحي للتبت وقالت ان مسألة اصلاح العلاقات في ملعب واشنطن. وتساور بكين المخاوف من أن تسعى مناطق التبت ذات العرقية المختلفة إلى الاستقلال وتقتطع سدس اراضي البلاد. كما تظل تايوان مثارا للخلاف. فقد هددت الصين بفرض عقوبات على الشركات التي تنتج الاسلحة أو الطائرات والتي شاركت في صفقة أسلحة أمريكية لتايوان بقيمة 6.4 مليارات دولار. التأثير الديبلوماسي والنفوذ العسكري: مع تحول الصين الى ثالث أكبر قوة اقتصادية في العالم تنامى نفوذها لاسيما في اسيا وافريقيا. كما أنها تقوم بتحديث جيشها وامكاناتها الفضائية وتقول واشنطن انه ينبغي لبكين أن تكون أكثر صراحة في ما يتعلق بانفاقها العسكري ونواياها الاستراتيجية. وتخشى بكين من القوة العسكرية العالمية للولايات المتحدة. وفجرت الدوريات الامريكية في مياه تعتبرها الصين منطقة حصرية حوادث محدودة العام الماضي. وفي 2001 أجبرت طائرة تجسس أمريكية على الهبوط في الصين بعد مواجهة مع مقاتلة صينية. ومع ذلك تتعاون الصين والولاياتالمتحدة في اطار محادثات تهدف الى اقناع كوريا الشمالية بالتخلي عن برنامجها النووي. وتريد واشنطن من الصين أن تمارس قدرا أكبر من الضغوط على بيونغيانغ وأيضا ايران بشأن أنشطتهما النووية. الحريات الخاصة بالانترنيت: كان أداء شركات الانترنيت الامريكية ضعيفا في الصين التي تفرض رقابة على المحتوى وتمنع الكثير من المواقع الاجنبية ومن بينها مواقع التواصل الاجتماعي الشهيرة تويتر Twitter و«فايس بوك Facebook» و«يوتيوب Youtube». وفي مارس الماضي أغلقت شركة غوغل Google بوابتها الناطقة بالصينية في الدولة الام وبدأت عمليات تحويل مسار عمليات البحث الى موقعها في هونغ كونغ بعد معاناة من هجمات الكترونية متطورة قالت ان مصدرها الصين. ومؤخرا أصبحت الولاياتالمتحدة أكثر حدة في معارضة الرقابة التي تفرضها الحكومات الاخرى على الانترنيت لكنها قالت ان العلاقات الثنائية «ناضجة بما يكفي» لمعالجة الخلافات اذ انها تتناول قضايا المصلحة المشتركة. حرب ب «الكلمات»... والعملات.. والاجراءات... وبعد ؟ ٭ تونس «الشروق»: تكثفت بشكل لافت منذ بداية النصف الثاني من سنة 2010 الأحاديث عن بداية إندلاع حرب أمريكية صينية، البعض توقعها إقتصادية عن طريق «معركة» بين العملات والإجراءات الإقتصادية الحمائية وفرض العقوبات، وآخرون لم يستبعدوا تطورها إلى حرب مسلحة سواء على صعيد إقليمي أو دولي أي حرب عالمية ثالثة. بين هذين التصورين طرحت عدة سيناريوهات وفرضيات بما في ذلك مؤامرة تقودها الولاياتالمتحدة لتدمير الإقتصاد الصيني. في بداية شهر أوت 2010 كتب أستاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو، جون ميرشايمر إن «السياسة، بدلا من الاقتصاد، ستعيد رسم مستقبل آسيا على نحو حاسم، كما جرى لأوروبا في القرن الماضي». وحذر ميرشايمر من احتمال أن يشعل صعود الصين منافسة أمنية كبيرة مع الولاياتالمتحدة، ما قد ينسج احتمالات قوية لنشوب حرب بين أكبر اقتصادين في العالم. وأشار إلى أنه في الوقت الذي يساهم الترابط الاقتصادي بين الصين وأمريكا في احتواء الأمريكيين «للنهضة» الصينية الاقتصادية والسياسية بما يخدم تبديد احتمالات الحرب، تشتعل اليوم الديبلوماسية بين الطرفين، فيما تحاول بكين استعادة نفوذها في بحر الصين الجنوبي، كجزء من مداها الحيوي في مقابل «تدخل» أمريكي مستجد في هذا النطاق الجغرافي. وأضاف أن عودة بكين إلى صلب النظام الإقليمي بعد عقود من العزلة هو جزء من إستراتيجيتها الدولية الجديدة، والهدف «تعميق مصالحها الأساسية» والتحول إلى قوة دولية. تهديد الأمن القومي الأمريكي سنوات قبل ذلك أنشأ الكونغرس الأمريكي في اكتوبر 2000 «لجنة مراجعة العلاقات الاقتصادية والأمنية الأمريكية الصينية» كأداة لمتابعة ودراسة واقع العلاقات التجارية والاقتصادية بين الولاياتالمتحدة والصين، وانعكاس تلك العلاقات على الأمن القومي الأمريكي والمصالح الأمريكية. وتقوم اللجنة برفع اقتراحاتها وتوصياتها إلى الكونغرس، سواء في ما يتعلق بالتشريعات والقوانين أو في ما يتعلق بالسياسة الخارجية الأمريكية ذات الصلة. ويتركز عمل اللجنة في ثمانية مجالات أساسية، هي: الانتشار النووي، التحويلات الاقتصادية، الطاقة، أسواق رأس المال الأمريكية، التطورات الإقليمية الاقتصادية والأمنية، البرامج الثنائية الأمريكية الصينية، الالتزام الصيني بقواعد واتفاقات منظمة التجارة العالمية، وأخيرا القيود المفروضة على حريات التعبير والنفاذ إلى المعلومات في الصين. وتقوم اللجنة بإصدار تقرير سنوي حول تلك القضايا، يتم رفعه إلى الكونغرس. وبالنسبة إلى الولاياتالمتحدة فإن القلق يتضاعف بسبب الأثر الذي يتركه تنامي قدرات ودور الصين في العالم على الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية في الولاياتالمتحدة، ومع ذلك فإن العلاقات بين البلدين أعقد وأكبر من مجرد تنافس بين قوتين كما يقول مؤلفو الكتاب. قلق أمريكي وتبدي إدارة واشنطن كذلك قلقها إزاء جهود الصين الحثيثة لتحديث سلاح البحرية وتعزيزه بالمزيد من الغواصات بجانب مخطط لشراء المزيد من حاملات الطائرات. وترقب أمريكا تنامي قوة هذا السلاح وسط مخاوف على تايوان، ونقل تقرير للبنتاغون ان: المخاوف تتضمن استعدادات الصين لطوارئ في مضيق تايوان، ويتضمن ذلك إمكانية تدخل أمريكي، وهو العامل الدافع وراء هذا التحديث. ويقول خبراء عسكريون ألمان أن بكين تبني قواتها البحرية والجوية لا لتكون قادرة فقط على الاستيلاء على تايوان بسرعة، بل لتكون قدرتها العسكرية قوية لدرجة ردع واشنطن حتى في التفكير في التدخل عسكريا لمساندة الجزيرة الصغيرة المتمردة. في مارس 2010 كتب الصحفي الأمريكي تشارلز سميث مقالا في «وورلد ديلي» طرح فيه تصورا لحرب صينية أمريكية، ويذكر أن سيناريوهات هذه المواجهة كررت في البنتاغون على أجهزة المماثلة الالكترونية « ويقول تبدأ الحرب عند الفجر مع غزو أكثر من 100000 جندي صيني لسواحل تايوان، في ثلاث موجات هائلة». تتدخل القوات الجوية الأمريكية بطائرات اف 117 ستيلث في ضربات فعالة من اوكيناوا باليابان حتى تفرض ضربة مباشرة من الصواريخ الباليستية الصينية إغلاق القاعدة وتقتل الآلاف. ترسل قوة بحرية كبيرة من ضمنها حاملات الطائرات من اتجاهين مختلفين، واحد من المحيط الهندي، وآخر عبر المحيط الهادي. وفي النهاية تغرق القوات الصينية حاملتي الطائرات النوويتين وجزءا كبيرا من الأسطول الأمريكي. وهكذا تدخل أمريكا في حرب طويلة الأمد مع الصين.