وسط مدينة القيروان وفي عديد الأماكن العمومية، يلاحظ المواطنون وزوار المدينة وجود حالات من المواطنين في هيئات غير عادية. هؤلاء مشردون بلا مأوى. يلتمسون طعامهم في الطريق. فمتى تتم رعايتهم، سيما وأنهم تونسيون وحقوقهم هي حقوق كل مواطن تونسي؟ رجال وأحيانا نساء مشردون وسط الشوارع وأيضا اطفال تعرف من هيئاتهم انهم فاقدون للسند والرعاية الاجتماعية والصحية. بعضهم يستعطف الناس لقمة وبعضهم يهيم على وجهه على غير هدى. قرب إدارة الستاغ بالقيروان، لفت انتباهنا شيخ مقعد كدست من حوله أدباش وهو لا يحمل من الملابس أي خرقة وبقربه كرسيه المتحرك والناس من حوله يسألونه عن هويته وعن أسرته فيجيب بتمتمات غير مفهومة.
مثل هذا المسن المشرد كثر شاهدهم المواطن وعطف عليهم وبعضهم التقط له صورا. وهؤلاء ينتشرون أمام المؤسسات العمومية وأمام المساجد منهم من يتسول ومنهم من هو هائم على وجهه يحمل على ظهره هموم الحياة في شكل كيس مليء بالملابس ومما جمعت يديه بشكل أشبه ب«سيزيف» الاسطورة الذي يحمل على ظهره حجرا. ويحمل بعضهم كتبا ويمشي حافي القدمين بين المقاهي والأسواق. منهم من يضايق الناس ومنهم من يثير عطفهم فيساعدونه.
وتنتشر في شوارع القيروان حالات من البشر يهيمون على وجوههم حفاة يتجولون بين المقاهي يستجدون الناس عطفهم.
هؤلاء هم مواطنون يفتقدون للرعاية الصحية، ظروف قاسية قد تكون ألقت بهم في متاهة الحياة. اغلبهم يواجهون ظروفا صحية صعبة على المستوى الذهني والنفسي. ورغم انهم لا يشكلون خطرا على الناس في الغالب، الا انه وجب توفير الإحاطة الاجتماعية لهم والرعاية الصحية.
ووجب على المؤسسات الحكومية التدخل لرعايتهم سواء عبر إدارة الشؤون الاجتماعية او إدارة الصحة او مركز رعاية المسنين او الجمعيات الأخرى. لان هؤلاء هم بشر مثل بقية البشر ومواطنون يحتاجون إلى كفالة والى رعاية. وعلينا ان نتساءل عن مسكنهم وعن مأكلهم وعن ظروف عيشهم.
هذه الظاهرة تفاقمت في القيروان ووجب على المجتمع المدني والسلط الجهوية التدخل لحمايتهم. بقيت مسألة أطفال الشوارع التي يجب إيلاؤها الاهتمام اللازم من قبل مندوبية حماية الطفولة لان الظاهرة تتفاقم وهؤلاء احترفوا التسول ويتم استغلالهم من قبل اطراف خفية تحركهم ثم تسلبهم كرامتهم.
غياب مراكز الايواء
وباتصالنا بادارة النهوض الاجتماعي بالقيروان افادنا احد المسؤولين انه كانت هناك في السابق لجنة جهوية مكلفة بمكافحة التسول مشتركة بين الشؤون الاجتماعية والأمن حيث يقومون بحملة ويتدخلون لمساعدة الحالات التي تتطلب مساعدة وبين انه بعد الثورة لم تعد هناك اية حملات لمكافحة التشرد. وقال انه كان يتم التنسيق مع مركز رعاية المسنين ويتم إيواء فاقدي السند من بين المشردين. وقال المسؤول ان عددهم اليوم اصبح كبيرا ومركز رعاية المسنين يحتاج إلى توسعة. وأكد ان الحل يكمن في احداث مركز لايواء المشردين وخصوصا منهم المعوقون وتوفير المختصين بالرعاية. وبخصوص الأطفال المتسولين فقد بين ان معظمهم يأتي من خارج ولاية القيروان ودعا إلى التصدي للظاهرة والا ستستفحل. وأشار إلى وجود مركز الطفولة بحفوز الذي يتم التعامل معه بالتنسيق مع مندوب حماية الطفولة.