وافانا محمد الهاشمي الحامدي (مؤسس العريضة الشعبية) بالنص التالي تفاعلا مع أحد مقالات الشروق السياسي: أرجو منكم التكرم بنشر هذا الرد تعليقا على التحليل الإخباري المنشور في عدد الأربعاء 26 سبتمبر 2012 بقلم الكاتب المحترم محمد علي خليفة، بعنوان: الاستقطاب بين النهضة ونداء تونس: تنافس، إقصاء أم تكامل؟
حتى بالاعتماد على سبر الآراء الذي بنيتم عليه التحليل المنشور أمس فإن العريضة الشعبية هي القوة السياسية الثانية اليوم، وليس هناك أي سبب منطقي يجعلها تتراجع الى المركز السادس بعد عام واحد.
والأساس الأول للرد والتعليق على ما نشرتم هو أن عمليات سبر الآراء في تونس لا تعترف بالعريضة الشعبية ولا تعطيها مكانتها الحقيقة في قلوب الشعب وفي الساحة السياسية التونسية. هذا هو جوهر الموضوع باختصار شديد. والدليل عليه أن الاستطلاع الذي نشرتموه أقصى ممثل العريضة الشعبية في الانتخابات الرئاسية. والدليل القاطع أيضا أن جميع استطلاعات الرأي قبيل انتخابات العام الماضي لم تذكر العريضة الشعبية أصلا مجرد ذكر، ولم تتوقع فوزها بأي مقعد. ثم قال الشعب كلمته يوم الانتخابات فأظهر أن عمليات سبر الآراء التي سبقت الانتخابات لا تعرف التوجهات الحقيقية للشعب. ولا يخفى على كل تونسي يطالع صحيفتكم الغراء، أن العريضة الشعبية كانت مقصاة أيضا بالكامل من التلفزة الوطنية ومن جميع الفضائيات والإذاعات التونسية.
تبين الوقائع أن العريضة الشعبية كانت ستحصل على المركز الأول بلا جدال لو أن التلفزة التونسية سمحت لي بشرح برنامج العريضة الشعبية للناس قبل الانتخابات السابقة، وأننا سننقل التجربة البريطانية في الرعاية الاجتماعية من خلال تطبيق برنامج الصحة المجانية ومنحة البطالة والتنقل المجاني للمسنين بميزانية لا تتجاوز مليار يورو أو أقل. أي ملياري دينار تونسي من ميزانية جملية قدرها 25 مليار دينار، وهو مبلغ سنؤمنه من خلال فرض طابع دخول لجميع الأجانب قيمته 30 دولارا، ومن خلال فرض ضريبة دخل بمستوى 50 بالمائة على الدخل الشخصي الذي يتجاوز مائة ألف دينار في السنة.
وبالرغم من هذا الإقصاء الإعلامي مازال مستمرا بشكل كامل تقريبا، حيث لم أشارك شخصيا إلا في ندوة تلفزيونية يتيمة منذ عدة أشهر، ولم يشارك الناطق الرسمي باسم العريضة الشعبية في أي ندوة من ندوات التلفزة الوطنية أو في حنبعل أو نسمة أو الإذاعة الوطنية منذ الانتخابات السابقة، بالرغم من كل هذا الظلم والإقصاء وهذه الحقرة التي لا نظير لها في تاريخ تونس، أؤكد لكم أنكم تخطئون خطأ فادحا إذا ساهمتم في ترويج وهم الاستقطاب الثنائي بين النهضة ونداء تونس.
أكتب لكم هذا الرد كمؤسس للعريضة الشعبية، وكمواطن معني بالشأن العام يعيش في المنفى منذ 26 سنة، وأقول لكم: العريضة الشعبية هي القوة الفائزة في الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة بعون الله. انشروا هذا الكلام وحاسبوني عليه بعد الانتخابات إن مد الله في الآجال. الشعب لن يعود للسياسات التي ثار عليها قبل عامين، ولن يمدد للسياسات التي يكتوي بنارها اليوم. ومثل فرنسا، أو بريطانيا وبقية المجتمعات المتقدمة، سينحاز التونسيون لمبادئ العدالة الإجتماعية بإجراءات عملية ملموسة، أي أنهم سينحازون للعريضة الشعبية وبرنامجها الإجتماعي الجريء: الصحة المجانية ومنحة البطالة والتنقل المجاني للمسنين.
لا يمكن للتونسيين أن يقدموا أي طرح أو برنامج آخر على برنامج العريضة الشعبية لأنهم يعرفون بعقولهم، وبعيدا عن أي عاطفة، أن هذا هو ما يصلح لهم وينفعهم ويحقق أهداف ثورتهم المجيدة. كما أن عواطفهم، من بعد عقولهم، عواطفهم وقلوبهم منحازة للعريضة الشعبية وممثليها. وفي الختام أقول بصراحة أنني قد أعذر البعض عندما يتحدث عن وهم الإستقطاب الثنائي لأنه لا يسمع ممثلي العريضة الشعبية في القناة الوطنية الأولى والثانية وفي قناتي نسمة وحنبعل والإذاعة الوطنية.
ولكن التاريخ القديم والحديث يؤكد أن صوت الحق يصل وينتصر رغم الظلم والحجب والإقصاء. وليعد من يريد لديوان أبي القاسم الشابي ليستدل بأبياته الرائعة العظيمة على صدق ما أقول. أما «الشروق» الغراء، ذات المكانة المرموقة في الساحة الإعلامية التونسية، فإنني أرجو منها المزيد من التحري والتثبت، وأن تكون شاهدة على التحول التاريخي المنتظر في تاريخ تونس بعون الله، يوم تتشكل حكومة العريضة الشعبية، ويعلن رسميا عن تطبيق نظام الصحة المجانية ومنحة البطالة في أول أسبوع من حكمها. هذا مع احترامي الفائق لكم، وحقكم في تبني ونشر ما تقتنعون به من آراء وتحليلات.