تونس- الصباح عادة ما يولي الأطفال خاصة ممن تتراوح أعمارهم بين السنتين والسادسة عشرة سنة، اهتماما كبيرا بالبرامج الموجهة لهم على القنوات التلفزية فما بالك لو تعلق الأمر بأيام العطل المدرسية أو العطلة الصيفية المطوّلة. المتتبع للبرامج أو المساحات المخصصة للأطفال على قنواتنا التلفزية يلاحظ نقصا كبيرا في المادة الموجهة لهذه الشريحة العمرية ثم أن ما تقدمه هذه القنوات يطرح بدوره جملة من التساؤلات من قبيل هل أن طفل اليوم في حاجة إلى تلك النوعية من البرامج؟ وماهو سبب نقص الأعمال التلفزية التونسية الخاصة بالأطفال لا سيما في ظل التغيرات الحافة بعالم الطفولة ومن ثمّة تطور معارفه وخياراته ورؤاه للحياة وفهمه للأشياء والواقع. ومدعاة طرح مثل هذه الاستفهامات هو طول المدة أو التوقيت الذي يقضيه الأطفال في مشاهدة التلفاز سواء تعلّق الأمر بعطلة الصيف أو غيرها من أيام السنة وهو ما يؤكد الدور الهام الذي يضطلع به هذا الجهاز في حياة الناشئة باعتباره وسيلة للتثقيف والمعرفة والتسلية والترفيه. يبقى الأطفال في حاجة ماسة إلى أعمال تلفزية تستجيب لتطلعاتهم وتجيبهم عن بعض التساؤلات الفضولية حول بعض المعارف وتقدم لهم معطيات ثابتة ومفصّلة عن تاريخ البلاد وحضارتها بما يرسّخ لديهم جملة المبادئ والقيم التربوية التي تساعد على ضبط قواعد تنشئة صحيحة. إذ أن المساحات الصغيرة المخصصة لمثل هذه البرامج لا تفي بماهو مطلوب باعتبار أن أغلب المواد المقدمة مستوردة أي ليست من إنتاج محلي مما يعني أنها لا تستجيب لبعض القواعد أو الشروط المطلوبة سواء من حيث القضايا أو المفاهيم التي تطرحها أو الصور التي تختلف عن واقع هذه الشريحة المستهدفة من حيث السلوكات والمبادئ والتقاليد والأحداث التي تعالجها في أحايين كثيرة تكون غريبة عن واقع أطفالنا ومجتمعاتنا وهو ما يساهم في «اغترابهم» ثقافيا وفتح هوّة عميقة بينهم وواقعهم وهذا المستورد من شأنه أن يؤثر سلبا على سلوكات ونفسيات هذه الشريحة. البديل الخطير اضطرار نسبة كبيرة من الأطفال للبقاء أمام جهاز التلفاز لساعات عديدة لا سيما خلال عطلة الصيف الطويلة نسبيا واشتداد حرارة شمسه يدفع هؤلاء للبحث عن البديل من البرامج فيكون الاتجاه إلى الأشرطة السينمائية الخاصة بالكبار كالأفلام البوليسية وما تتضمنه من مشاهد العنف أو غيرها من المسلسلات والأعمال التلفزية التي تروّج لمشاهد وسلوكات وأخلاقيات تظل بمنأى عن مطلب وحاجة الناشئة إليها. فما أحوج أطفالنا إلى أعمال كرتونية أو أفلام أو مساحات تنشيطية على مساحات زمنية طويلة خاصة خلال العطل تكون قريبة من واقعهم فتطرح قضاياهم وتطلعاتهم وتستمد مواضيعها من احتياجاتهم المعرفية وتستشرف رؤاهم للمستقبل وتستفز فيهم روح الطموح والتوق للإبداع والنجاح والتألق وذلك بمسايرة ومجاراة نسق التطوّر الحاصل في مستوى فهم ورؤية هذه الشريحة للعالم والواقع.