بني وليد مدينة ليبية شهيدة... ومدينة عربية أخرى تدك على رؤوس أهلها... لكن بأيادي أبناء البلد هذه المرة. لن نخوض في الأسباب والمسببات... فتلك من مشمولات الجهات الرسمية الليبية من أمن وقضاء حين تشكل مؤسسات الدولة وترتقي فوق التجاذبات والانتماءات القبلية والجماعات الدينية المتصارعة والساعية الى بسط نفوذها في ليبيا... لكننا سنتوقف عند النتائج الكارثية لهذه الحرب المدمّرة التي تحولت بكل المقاييس الى حرب إبادة جماعية لأهالي بني وليد... حيث تخضع المدينة منذ أيام لحصار خانق ولقصف عشوائي لا يتوقف ولحملة تدمير ممنهجة وصل فيها الأمر حد استعمال الغازات السامة وكأن المهاجمين يقصفون حجرا أو حيوانات أو حتى ألدّ الاعداء ولا يقصفون ابناء بلدهم الذين يقاسمونهم العيش على أرض ليبيا واللغة العربية والدين الاسلامي.
يوم أمس زارتنا بمقر الصحيفة أخت ليبية فاضلة حثتنا على اطلاق صيحة فزع من أجل انقاذ أهالي بني وليد وتدعداهم يفوق المائة ألف... حيث اضطر اعداد منهم الى الهجرة فيما تعرض الشيوخ والنساء والأطفال الى حرب ابادة بأتم معنى الكلمة، حيث تتكدّس الجثث تحت الانقاض ويتكدس الجرحى في المستشفيات بلا دواء ولا اطقم طبية كافية... فأين الضمير الانساني؟ وأين المتباكون في الغرب علىحقوق الانسان؟ أم أن سكان بني وليد ليسوا آدميين ولا يتوجّب التحرك لحمايتهم وتأمين حياتهم؟
السيدة الليبية نبّهت الى خطورة ما يجري على حياة أهالي بني وليد ولكن أيضا على مستقبل الوحدة الوطنية في ليبيا... اذ أكّدت ان قبائل بني وليد يصل تعدادها الى مليون وربع المليون نسمة وهي تنتشر في كل محافظات ليبيا تقريبا وقد بدأت تتململ ولن تسكت على إبادة أبنائها في بني وليد... فهل تتحرك الهيئات والمنظمات الأممية والدولية لانقاذ ما يمكن انقاذه؟ وهل يتحرك حكماء ليبيا لوقف هذه المجزرة؟ وهل تتحرك أجهزة الدولة الليبية لوقف هذه المأساة حيث تؤكد هذه السيدة الليبية الفاضلة أن الجيش الليبي براء من الهجوم على بني وليد لأنه باختصار لا يوجد جيش ليبي بالمعنى المتعارف عليه... وان كل ما يوجد هو ميليشيات تتحرك وفق ولاءات وأجندات بعض القادة والقبائل.
أسئلة مستفزة طرحتها هذه المرأة الشريفة التي تتشظى ألما وهي ترى أهلها يدكون بالحديد والنار... ممن؟ من أبناء بلدهم؟ فهل تلقى صرختها صدى لدى أهل القرار وأصحاب الضمائر الحيّة؟... أم أنه سيحكم على بني وليد بالشهادة لتلتحق بشقيقتها الفلوجة (في العراق) ولكن بأياد عربية هذه المرة...