مع اكتشاف الفسفاط في معتمدية المظيلة ركز الاستعمار الفرنسي ادارته لاستغلال هذه المادة وقام ببناء المرافق اللازمة لاقامة المعمرين والأجانب العاملين في قطاع الفسفاط وما تزال هذه البنايات شاهد عيان على الحقبة الاستعمارية بل تم استغلال العديد منها حتى أيامنا هذه. وبغض النظر عن كونها مثلت حلا عقاريا لتركيز بعض المرافق العمومية امام عدم وجود أراضي صالحة للبناء على ملك البلدية بحكم أنها أراض اشتراكية راجعة بالنظر إلى «العروش» فإن آراء المواطنين تعددت واختلفت حول وجود هذه البنايات. فالسيد محمد الصالح تليجاني رئيس جمعية صيانة المدينة يرى أن هذه البنايات هي جزء لا يتجزأ من تاريخ المنطقة وشاهد عيان على تعاقب الحضارات والثقافات والديانات على منطقة المظيلة ويرى في حمايتها من الاندثار حماية للموروث المعماري والحضاري للجهة بل يطالب الجمعيات المختصة في هذا المجال بضرورة الاعتناء بها وترميمها. أما السيد فريد عرفة موظف بشركة الفسفاط ومن متساكني الحي المركزي أو ما يعرف باسم «الفيلاج» اوالحي الافرنجي فيرى ان المنازل التي تركها الاستعمار الفرنسي مثلت حلا مثاليا لغياب المقاسم العقارية والأراضي الصالحة للبناء اضافة إلى جمالية هندستها والتخطيط المعماري السليم الذي يميز هذا الحي. في المقابل وعلى عكس ما ذهب اليه بعض المواطنين فأن هذه البنايات تبقى دليلا على حقبة استعمارية كان من المفروض تجاوزها لتدخل المنطقة في عصر جديد وتحديث للبنية التحتية مع احترام للمعالم وخاصيات الجهة على غرار واحات الجريد خاصة وأن المظيلة منطقة صناعية هامة تساهم بشكل كبير في الاقتصاد التونسي بفضل عائدات الفسفاط التي كان من المفروض تخصيص جزء منها لبناء مدينة جديدة وحديثة. حيث أشار لنا السيد بوعلي يحياوي أن جميع ادارات السيادة كالمعتمدية والبلدية ومركز الأمن تستغل بنايات تعود إلى عهد الاستعمار الفرنسي بسقفها المثلث المبني بالآجر الأحمر ويرى في هذا سوء تصرف من النظام السابق الذي لم يول المنطقة العناية اللازمة على جميع المستويات بل زاد في تهميشها واستغلالها. وفي الاطار نفسه قال لنا محدثنا أن بناية المستشفى المحلي بالمظيلة والوحدة الصحية هما أيضا من مخلفات الاستعمار الفرنسي ويستغرب كيف تقوم وزارة الصحة باستغلال تلك البنايات التي مر على بنائها عقود من الزمن ولا تتوفر فيها الشروط الصحية اللازمة وبالتالي بات من الضروري التفكير في بناء مستشفى جديد يستجيب إلى المقاييس الضرورية لسلامة المرضى والعاملين فيه. وحتى يتم التخلص من هذه البنايات وازالتها يطالب أهالي معتمدية المظيلة السلط المعنية بضرورة توفير الاعتمادات اللازمة من أجل تحديث وتطوير البنية التحتية للجهة والقطع مع الماضي. ومن بين الحلول التي تم اقتراحها هو تجميع العديد من الادارات في بناية واحدة في شكل مجمع اداري أو مجمعات ذات طابقين لتجاوز الاشكاليات العقارية المرتبطة بالأراضي الاشتراكية. ولئن اختلفت الآراء حول كيفية استغلال هذه البنايات التي تعود إلى الاستعمار الفرنسي فإن جميع أهالي معتمدية المظيلة متفقون على ضرورة تجديد العديد من المرافق والادارات التي تآكلت ولم تعد وظيفية ولا تستجيب إلى الشروط اللازمة. وتجدر الاشارة إلى أن هذه البنايات متواجدة في مدن الحوض المنجمي الأربعة ويتم استغلالها بنفس الطريقة.