نعود اليوم لنعلق على «باب المكتبة» قصيدا آخر من تلك القصائد الجميلة للشعراء الألمانيين والتي عربها كما سبق ان ذكرنا محمد صبحي أبو غنيمة في عشرينات القرن الماضي. وبما أننا غداة العيد فلا بأس من أن نورد قصيدا عن العيد ولو أن العيد المتحدث عنه ليس هو عيدنا وإنما يشتركان في الاسم على الأقل وان اختلف المضمون. والقصيد هو التالي: نزهة العيد Osterspaziergang من الرواية الشهيرة: فاوست للشاعر: Wolfgang von Goethe نظر الربيع الى الجليد فذابا *** ومشى، يبشر بالربيع هضابا وكذا الشتاء، الشيخ سار بجيشه *** نحو الجبال ليطمئن مآبا يلقى وقد خارت قواه «جليد»ه *** حببا، فنخضر المروج جوابا الشمس تأنف ان ترى من غيرها *** نورا، لذلك كل ثلج ذابا ومشت، وقد مشت الحياة بركبها *** تهدي محبيها السناء خضابا ذبلت زهور الروض فانتدبت لها *** الأيدي تشربها النضار شرابا ارجع بطرفك من مكانك ناظرا *** نحو المدينة، منظرا خلابا تتزاحم الأقدام في أبوابها الظل *** ماء ترغب ان تجوز البابا فرحين في بعث المسيح وانما *** فرحوا بان بعثوا ضحى وغيابا فمن البيوت، وضيقها، وسقوفها *** وسماء أعمال تعج ضبابا ومن الشوارع، قرة في ضيقها *** وكنائسا سعدت بيوم آبا ومن المدينة قضها وقضيضها *** بعثوا، يحيون الضيا اسرابا انظر الى تلك الجموع تسلمت *** بين المروج وفي الحقول شعابا كالنهر منسابا بكل خميلة *** نشوان سارت جيئة وايابا في كل منعرج واقصى ذروة *** اما نظرت، رأيت ثم ثيابا ومن القرى، اني لاسمع ضجة *** يبدو بها (فرح) القرى جذابا فكلما يترنمون كبيرهم *** وصغيرهم، بسرورهم اعجابا أنا ها هنا الحر الطليق وانني *** انا ها هنا «انسان!» عز جنابا محمد مندور بين التنظير والممارسة: جدلية التراث والمعاصرة في الأدب العربي الحديث * د. محمود المصفار كلية الآداب والعلوم الانسانية بصفاقس 2003 محمد مندور ناقد وأديب وسياسي مصري (19071965) درس في كل من مصر وفرنسا واشتغل في عدد من الصحف المصرية «كالمصري» و»الوفد» و»صوت الأمة». ألف العديد من الكتب في النقد خاصة نذكر منها «في الميزان الجديد» و»النقد المنهجي عند العرب» وفي الأدب والنقد وغيرها من المؤلفات. يقول عنه دراسه في هذا الكتاب نقلا عن مجلة المعرفة الدورية في أحد أعدادها سنة 1977 «أسمر اللون مرتفع القامة صلب البناء ضعيف البصر تغطي رأسه قبعة مخملية سوداء تميل على حد جانبي الوجه فتخفيه أو تكاد واذا نزعها تهدلت على جبينه خصلة من شعر غاب لونه كانت تغطي خطا غائرا في الجبين، بطيء الحركة متثاقل الخطو كثير التدخين، ينفثه بكثابة غريبة لا يريم». أما الكتاب فقد تناول محمد مندور بالدراسة معرجا على مختلف أنشطته الادبية والنقدية والصحافية والسياسية وقد تطرق المؤلف في الباب الأول من الكتاب الى دواعي اهتمام الشخصية المدروسة بالنقد الأدبي محاولا استجلاءها الوقوف عليها والى عمل مندور الصحفي والسياسي والى نشاطه كمدرس وناقد، واستعرض في الباب الثاني آثار مندور النقدية أثرا أثرا المؤلفة منها والمترجمة والمقدمة والمراجعة ليعرج في الباب الثالث على مساهمة مندور في التنظير النقدي في سياقي المنهج الجمالي اللانسوني والمنهج الاجتماعي الإيديولوجي ويقدم في الباب الرابع تعامل مندور مع الأجناس الادبية المختلفة تنظيرا وممارسة مع الشعر والقصة والمسرح. أما الباب الخامس فقد قدم فيه المؤلف نظريات محمد مندور في الأسلوب والأدب المقارن ومؤثراته الأجنبية وتضمن الباب السادس محاولة لتبيين موقع مندور موازنة وبين النقاد الليبراليين لينتهي في الباب السابع الى محاولة تحديد ذلك الموقع موازنة بين مندور والنقاد الاشتراكيين. يقول المؤلف في صفحة ظهر الغلاف «ان النتائج التي انتهينا اليها تحوم في جملتها حول الاجابة عن تساؤل جوهري هو: هل ان مندور عالم بارز في النقد العربي الحديث؟ وهل من محاولة جادة عنده في سبيل بلورة النقد وصياغته صياغة مستقبلية؟ يمكننا أن نؤكد أن الرجل وجه مشرق في النقد العربي الحديث فهم الثقافة فهما واسعا يتجاوز دائرة لغته ووطنه واحتضن عصره بكل ما فيه من صراعات وتحولات وانتهى في النقد من خلال الممارسات العديدة والمؤثرات المتنوعة الى صياغة نظرية نقدية يمكن اعتبارها... متقدمة على كثير من المحاولات في النقد العربي الحديث...». ترانيم: أشعار تونسية مرسومة بريشة عامر رشاد تونس 1997 الكتيب صدر سنة 1997 ولكنه كتاب مهم وجدير بالتقديم حتى يتعرف عليه الجمهور الواسع. وهو مجموعة من المقطوعات الشعرية التونسية جسدها عامر محمد رشاد الصحفي والرسام العراقي بالصورة المعبرة. في الصفحة المدخل أورد الرسام مقولة للشابي عن الشعر يقول فيها «ان الشعر هو الحياة نفسها في حسنها ودمامتها وفي صمتها وضجتها في هدوئها وثورتها في نومها ويقظتها في كل صورة من صورها ولون من ألوانها». وفي الصفحة التي تليها يكتب عامر محمد رشاد «ترانيم الرحلة» وهي عبارة عن تقديم لعمله هذا يتحدث فيه بلغة فنان شاعر عن ظروف ميلاد هذا الكتاب وكيف قدم له... وعندما ينتهي التقديم يبدأ جوهر الكتاب بمقطوعة شعرية للميداني بن صالح نصا ورسما يقول مطلع المقطوعة: شعري لهاث الكادحين على الدروب شعري آهازيج الشعوب من صارعوا الأمواج والبحر الغضوب... ويسترسل الرسام في إدراج المقطوعات الشعرية التي اختارها بمعدل مقطوعة على كل صفحة لشعراء تونسيين تجاوز عددهم المائة أدرجنا الاولى وها هي الوسطى لمحمد الحبيب الزناد تقول: كشف البحر عن شوق قديم خباياه وعن حرقة وكانت تحب العشاق تعرف ما معنى الأشواق وما معنى أن يبكي البحر من الأعماق فأخذتها الرعشة أما المقطوعة الأخيرة التي جسدها الرسام في هذا الباب فهي لنزيهة الجديد وتقول العربي يا سيدي نزع عباءة أبي الطيب وملآءة الخنساء نزع ذراع العبسي وظل في أزقة الجنائن المعلقة يتبختر بالخفين! ولعلها الصورة الأصدق بما حوته من تعبير عن وضعنا العربي الراهن بعد ان ظل العربي يتبختر بخفي حنين! الايقاع في شعر الأعشى بسمة نهى الشاوش: مركز النشر الجامعي 2003 ضمن نشاطه الذي لا يكاد ينقطع أصدر مركز النشر الجامعي هذه الأيام هذا الكتاب الذي اهتمت فيه صاحبته بمسألة الايقاع في شعر الأعشى. طرحت في التقديم السؤالين التاليين: لماذا الايقاع؟ ولماذا في شعر الأعشى؟ وقد حاولت ان تجيب عنهما بعدما تعرضت لاطوار حياة الشاعر وشرحه كنيته. درست المؤلفة في القسم الأول من هذا الكتاب «مكونات الهندسة الايقاعية في شعر الاعشى وقد قسمتها الى خمسة أصناف تعرضت في الأول الى مكونات الايقاع العروضية وفي الثاني الى مكونات الايقاع الصوتية وفي الثالث الى مكونات الايقاع اللفظية وفي الرابع الى مكونات الايقاع التركيبية وفي الخامس الى مكونات الايقاع البنيوية. أما القسم الثاني فقد أفردته الدراسة الى نموذج تطبيقي للهندسة الايقاعية في شعر الأعشى تطرقت فيه أساسا الى تحليل البنية الايقاعية لمعلقة الأعشى ومطلعها: ما بكاء الكبير بالاطلال وسؤالي فهل ترد سؤالي وقد أتت عليها بيتا بيتا حتى البيت الخامس والسبعين. وتقول المؤلفة: «ان ما يرمي اليه هذا العمل هو اعانة الطلبة ودراسي الشعر عموما على استكشاف طريق بكر هو استنتاج صناعة الايقاع من خلال نص شعري قديم يعد نموذجا مثاليا لذلك اذ لقب صاحبه بصناجة العرب غير ان هذا اللقب لم يثر أي قلم من أقلام النقاد». بسمة نهى الشاوش استاذة تدرس الادب العربي القديم والتعريب بالجامعة التونسية منذ 1991.